بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
قال المفسر -رحمه الله: وقال الله تعالى:
وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ [سورة النساء:21] أي: وكيف تأخذون الصداق من المرأة وقد أفضيت إليها وأفضت إليك، قال ابن عباس -ا- ومجاهد والسدي وغير واحد: يعني بذلك الجماع.
وقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله ﷺ قال للمتلاعنين بعد فراغهما من تلاعنهما: الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟ ثلاثاً، فقال الرجل: يا رسول الله مالي؟ يعني -ما أصدقها- قال: لا مال لك، إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها، وإن كنت كذبت عليها فهو أبعد لك منها[1] ولهذا قال الله تعالى: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن الاستفهام في قوله سبحانه: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ استفهام استنكاري، وأما الإفضاء في قوله: وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ فأصله المخالطة، يقال للشيء المختلط: فضاء، ويقال: القوم فوضى وفضاء، أي: مختلطون لا أمير عليهم، وفسر الإفضاء في الآية بأنه الخلوة.
وقالت طائفة: الإفضاء بأن يكون معها في لحاف واحد جامَعَ أو لم يجامع، وفسر بأجلى صوره وهو الجماع، فالإفضاء يكون بهذه الألوان من المخالطة، وغايته الجماع.
ولذلك لما قال الله : لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ [سورة الممتحنة:8] عدى الفعل تقسطوا بإلي؛ وذلك لأنه مضمن معنى الإفضاء إلى هؤلاء الكفار الذين لم يقاتلوا في الدين، والخلاصة أن الإفضاء قد يفسر في كل مقام بحسبه، إلا أن أصله يبقى بمعنى المخالطة، والله أعلم.
أصل الميثاق: العهد، وحمل الحافظ ابن كثير –رحمه الله- الميثاق في الآية على العقد، وهذا لا يعارض القول بأن الإمساك بمعروف أو التسريح بإحسان هو مقتضى العقد، وقد ذكرت طائفة من أهل العلم كابن جرير وغيره أنهم كانوا إذا تزوج الرجل يقولون له: عليك عهد الله وميثاقه أن تمسك بمعروف أو تسرح بإحسان، أو كلاماً نحوه، وكلا التفسيرين صحيح، ومعلوم أن مجرد الإيجاب والقبول بين الرجل والمرأة يوجب علي الرجل أن يمسك بمعروف أو يفارق بإحسان، والله أعلم.
أورد أهل التفسير في إعراب "ما" في قوله سبحانه: وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء وجهين من الإعراب:
الأول: أنها مصدرية، والمعنى: لا تنكحوا نكاح آبائكم للنساء إلا ما قد سلف، فيكون المنهي عنه طريقة الآباء في النكاح زمن الجاهلية، والذي من جملته التزوج بزوجة الأب، ولم يعهد بين أهل الجاهلية هذا النوع من الزواج عن جميعهم، ولذا كانوا يمقتونه ويسمونه نكاح المقت، ويطلقون على الرجل المتزوج بزوجة أبيه "الضيزن"، فهو عمل بغيض عندهم، وهذا المحمل هو اختيار كبير المفسرين ابن جرير الطبري -رحمه الله.
والذي حمل القائلين من أهل العلم على هذا القول هو أن لفظة [ما:] تأتي في الأصل لغير العاقل، وقد يعبر بها في حالات عمن يوصف بالعقل، وذلك إذا كان من باب التغليب، فيغلب من يعقل على من لا يعقل مثلاً، أو بحسب الكثرة؛ لأنه أكثر...، لكن هنا حصر ذلك كله في صنف واحد وهو النساء.
الثاني: أنها موصولة، والمعنى على ذلك لا تنكحوا الذي نكحه آباؤكم من النساء.
قوله سبحانه: إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ يمكن أن يكون الاستثناء منقطعاً، والمعنى أن ما قد مضى قبل نزول التشريع فإن الله لا يؤاخذ به كما تدل عليه الآيات الكثيرة، وقد استنبط الحافظ ابن القيم من الاستثناء في الآية أن أولاد الرجل من زوجة أبيه قبل نزول الحكم تثبت لهم أحكام النكاح من ثبوت الفراش ولحوق النسب، ولا يعتبر النكاح نكاح شبهة، يقول في كتابه –البديع- بديع الفوائد:
"وأحسن من هذا عندي أن يقال: لمّا نهى سبحانه عن نكاح منكوحات الآباء أفاد ذلك أن وطأهن بعد التحريم لا يكون نكاحاً البتة، بل لا يكون إلا سفاحاً فلا يترتب عليه أحكام النكاح من ثبوت الفراش ولحوق النسب بل الولد فيه يكون ولد زنية، وليس هذا حكم ما سلف قبل التحريم، فإن الفراش كان ثابتاً فيه والنسب لاحق، فأفادا الاستثناء فائدة جليلة عظيمة، وهي أن ولد من نكح ما نكح أبوه قبل التحريم ثابت النسب وليس ولد زنا، والله أعلم".
فهذا ملحظ في العلة التي لأجلها نهي الأبناء عن تزوج زوجات آبائهم، والملحظ الآخر أن كف الأبناء عن تزوج نساء آبائهم هو مقتضى التعظيم، ولذا فإن العرب كما سبق كانت تسمي الذي يزاحم أباه في امرأته "الضيزن"، ويمكن أن يكون ذلك من جهة أن الله يمقت هذا الصنيع ويبغضه، والمقت هو أشد البغض.
بمعنى يبغض فاعله، وهذا هو المعنى المتبادر.
يقيد أهل العلم إطلاق حكم الردة عليه في حالة استحلاله لذلك، وأما إذا فعله لغلبة هوى أو نحوه بدون استحلال فلا يطلق عليه حكم الردة، وإن كان فعله منكراً عظيماً وتجرؤاً شنيعاً وإجراماً فظيعاً، وهذا لا يعنى أن الإنسان لا يكفر بالعمل إلا إذا استحل، إذ هناك أعمال إذا فعلها المرء يكفر ولو لم يستحل، إلا أن هذه المسألة ليست منها، والله أعلم.
فالخلاصة أن امرأة الأب وزوجة الابن تحرم على بعضهما بمجرد العقد سواء حصل الدخول أو لم يحصل، إجماعاً بين أهل العلم واتفاقاً.
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا [سورة النساء:23-24]
هذه الآية الكريمة هي آية تحريم المحارم من النسب، وما يتبعه من الرضاعة، والمحارم بالصهر، كما روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس -ا- قال: حرمت عليكم سبع نسباً، وسبع صهراً، وقرأ: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ الآية.
وروى الطبري عن ابن عباس -ا- قال: يحرم من النسب سبع، ومن الصهر سبع، ثم قرأ: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ فهن النسب.
المحرمات في سياق الآية سبع من جهة النسب وسبع من جهة الرضاع والمصاهرة، أما التي من جهة النسب فهن: الأمهات والبنات والأخوات والعمات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت.
وأما التي من جهة الرضاع والمصاهرة فهن: الأمهات من الرضاع، الأخوات من الرضاع، أمهات النساء والربائب، حلائل الأبناء، والجمع بين الأختين، ومنكوحة الأب، وفي السنة تحريم الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها.
والعمة: هي كل أنثى شاركت الأب في أصله وإن علا، أو أحد أصليه كأخت الأب وأخت الجد، والخالة: هي كل أنثى شاركت الأم في أصلها وإن علت، أو في أحد أصليها يعني -أختها لأب أو أختها لأم، وذكروا صورة في الخالة من جهة الأب، وهي: أخت أم الأب "أخت جدتك لأبيك".
وكذلك في التفريع كابن الأخت وابن الأخ وبنت الأخت وإن نزلوا فالحكم واحد لا فرق، وبعض أهل العلم يذكر في العمات صورة أخرى تكون من جهة الأم، وهي أخت أب الأم من جهة الأم، فأبو الأم يكون أباً لك، بدليل أن الله قال عن إبراهيم ﷺ: وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ [سورة الأنعام:85] وذكر منهم عيسى -عليه الصلاة والسلام، وهو ولد بنت، ولذا أرسل الحجاج إلى يحيى بن يعمر فقال: بلغني أنك تزعم أن الحسن والحسين من ذرية النبي ﷺ تجده في كتاب الله، وقد قرأته من أوله إلى آخره فلم أجده
قال: ألست تقرأ سورة الأنعام ومن ذريته داود وسليمان حتى بلغ ويحيى وعيسى قال: أليس عيسى من ذرية إبراهيم وليس له أب؟ قال: صدقت؛ لذا لمّا بلغ الحجاجَ عن أبي عمرو بن العلاء قوله: إن الحسين ابن رسول الله ﷺ، قال: لتأتين عليه ببينة من كتاب الله أو لأفعلن بك وأفعلن، فقال له: أو ما تقرأ: وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ... إلى أن قال: وَعِيسَى فهو ابن بنت، ومع ذلك عده في ذريته، خلافاً لقول الشاعر الذي يقول:
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا | بنوهن أبناء الرجال الأباعد |
فهذا قول شاعر لا عبرة فيه.
وقوله تعالى: وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ أي: كما يحرم عليك أمك التي ولدتك كذلك يحرم عليك أمك التي أرضعتك، ولهذا روى البخاري ومسلم في الصحيحين عن عائشة أم المؤمنين-ا: أن رسول الله ﷺ قال: إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة[4]، وفي لفظ لمسلم: يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب[5].
وإذا حرمت الأمهات المرضعات حرمت أمها وجدتها، وما اختلف فيه أهل العلم هو ما يتعلق بالمصاهرة حينما ترتبط بالرضاع كالابن من الرضاع هل تحرم زوجته عليك، ظاهر الحديث أنها تحرم مع أنها ليست مذكورة من ضمن المحرمات إلا في هذا الموضع على طريق الإجمال لقوله ﷺ: يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة[6]، والله أعلم.
معنى قول عائشة: "توفي" بمعني -قارب الوفاة- وهذا يعني أنه تأخر نسخها جداً، ويمكن القول: إنه خفي على بعضهم الحكم لتأخره فلم يعلم به إلا بعد وفاة النبي ﷺ.
وفي حديث سهلة بنت سهيل -ا- أن رسول الله ﷺ أمرها أن ترضع سالماً مولى أبي حذيفة -ا- خمس رضعات.
ثم ليعلم أنه لا بد أن تكون الرضاعة في سن الصغر دون الحولين، كما قدمنا الكلام على هذه المسألة في سورة البقرة عند قوله: يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ [سورة البقرة:233].
فشرط الرضاعة المحرمة أن تكون في سن الصغر دون الحولين بنص كتاب الله ، وأما صنيع امرأة أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة مع سالم حيث أرضعته في كبره فقد عدها عامة أهل العلم من الصحابة وغيرهم أنها حادثة عين، ولم يخالف في المسألة إلا عائشة حيث رأت أن الرضاع يحرم ولو كان كبيراً، ولذلك كانت عائشة -ا- إذا أرادت أن تدخل أحداً عليها أمرت إحدى أخواتها بأن ترضعه، ولا يفهم من أمرها المباشرة في الرضاع، وإنما المقصود أن تستخرج له من الحليب ما يعادل خمس رضعات مشبعات، وذهب شيخ الإسلام إلى جواز إرضاع الكبير إذا كان لحاجة.
لأن الله لم يقيد الوضع بحال، بخلاف الربيبة فقد ورد التقييد كما قال سبحانه: وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ ففرق بين المقامين، وهذا قول الجمهور، وخالف بعضهم في المسألة فرأوا أن أمهات النساء لا تحرم إلا بالدخول مستدلين بظاهر الآية حيث إن الله ذكر القيد في الموضع الآخر ولم يفرق بين بنت الزوجة وبين الأم من هذه الحيثية، والله أعلم.
وأما الربيبة -وهي بنت المرأة- فلا تحرم بمجرد العقد على أمها حتى يدخل بها فإن طلق الأم قبل الدخول بها جاز له أن يتزوج بنتها، ولهذا قال: وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ في تزويجهن فهذا خاص بالربائب وحدهن.
وأما قوله تعالى: وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم فجمهور الأئمة على أن الربيبة حرام سواء كانت في حجر الرجل أو لم تكن في حجره، قالوا: وهذا الخطاب خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له.
معلوم أن مفهوم المخالفة حجة، لكنه في حالات لا يكون معتبراً، ومن تلك الحالات إذا جاء المنطوق على وفاق الواقع ومن أمثلة ذلك ما جاء في هذه الآية، والله أعلم.
هذه نزلت على وفاق واقع معين وهو أن عبد الله بن أبي كان له جاريتان أسلمتا، وكان يكرههما على البغاء فنزلت الآية، ولا عبرة بمفهوم المخالفة في هذا الآية كما ينص على ذلك علماء الأصول ويعتبرون الآية خرجت مخرج الغالب، ولذلك لا يفهم من الآية أن لوليها تمكينها من البغاء في حالة إذا لم ترد العفاف والتحصن للعلة السابقة.
وفي الصحيحين أن أم حبيبة -ا- قالت: يا رسول الله انكح أختي بنت أبي سفيان، وفي لفظ لمسلم: عزة بنت أبي سفيان، قال: أو تحبين ذلك؟ قالت: نعم لست لك بمُخْلِية، وأَحَبُّ من شاركني في خير أختي، قال: فإن ذلك لا يحل لي قالت: فإنا نحدث أنك تريد أن تنكح بنت أبي سلمة، قال: بنت أم سلمة؟ ، قالت: نعم، قال: إنها لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي، إنها لبنت أخي من الرضاعة، أرضعتني وأبا سلمة ثويبة فلا تعرضن عليَّ بناتكن ولا أخواتكن وفي رواية للبخاري: إني لو لم أتزوج أم سلمة ما حلت لي[7] فجعل المناط في التحريم مجرد تزويجه أم سلمة، وحكم بالتحريم لذلك.
ومعنى قوله: اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ أي: نكحتموهن، قاله ابن عباس -ا- وغير واحد، وقال ابن جريج عن عطاء: هو أن تهدى إليه، فيكشف ويفتش ويجلس بين رجليها.
قوله: "أن تهدى إليه" يعني: تزف إليه.
وبعضهم فسر قوله تعالى: اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ باللمس بشهوة، وقيل: النظر بشهوة، وقيل: هو النظر إلى فرجها، لكن المشهور في معنى الدخول أنه الجماع.
والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه وآله وصحبه وسلم.
- أخرجه البخاري في كتاب الطلاق - باب قول الإمام للمتلاعنين: إن أحدكما كاذب فهل منكما من تائب؟ (5006) (ج 5 / ص 2035) ومسلم في كتاب اللعان (1493) (ج 2 / ص 1130).
- رواه البخاري في كتاب النكاح – باب الوصاة بالنساء برقم (4890) ورواه مسلم في كتاب الحج – باب حجة النبي ﷺ برقم (1218).
- رواه الترمذي برقم (1362)، والنسائي برقم (3331)، وابن ماجه برقم (2608)، وأحمد برقم (18580) وصححه الألباني في مختصر إرواء الغليل برقم (2351).
- رواه مسلم في كتاب الرضاع – باب يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة، برقم (1444) (2/1068).
- رواه مسلم في كتاب الرضاع – باب تحريم ابنة الأخ من الرضاعة، برقم (1447) (2/1071).
- سبق تخريجه.
- رواه البخاري في كتاب النفقات – باب المراضع من المواليات وغيرهن برقم (5057)، ومسلم في كتاب الرضاع – باب تحريم الربيبة وأخت المرأة برقم (1449).