قوله: تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ تَختبر، وكثير من الناس يظن أنه في الدنيا على الجادة، وأنه على شيء، ويعيش في أوهام واسعة كبيرة، فيوم القيامة تعرف وتدرك وتختبر كل نفس ما أسلفت، يعرف عمله وأنه كان مضيعاً ومفرطاً وضالاً عن سواء الصراط، وفي قراءة حمزة والكسائي تَتْلُو أي: تتبع، كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ، تتلو على هذه القراءة المتواترة الأخرى تَتْلُو كُلُّ نَفْسٍ فسره بعض أهل العلم بأنها تتلو كتاب العمل اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا [سورة الإسراء:14]، تَتْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ، ويحتمل أنه يتبع ما أسلف من عمل، وقيل: تَتْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ أي: تعاين، والقراءتان كل قراءة لها معنى، وإذا كانت القراءتان لكل واحدة منهما معنى يخصها فهما بمنزلة الآيتين، فقراءة تَتْلُو كُلُّ نَفْسٍ أي: تتبع، وقراءة تَبْلُو أي: تختبر، وبين المعنيين نوع ملازمة وارتباط؛ وذلك أن الإنسان في يوم القيامة يتجلى ويتبيّن له حاله التي كان عليها ويعرف حقيقة عمله، وتضييعه وتفريطه، فإذا عرف ذلك وانكشف عنه الغطاء فإنه يتبع عمله ويقرأ كتابه.
وقوله: وَرُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ [سورة يونس:30] أي: ورجعت الأمور كلها إلى الله الحكم العدل ففصلها وأدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، وَضَلَّ عَنْهُم أي: ذهب عن المشركين مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ أي: ما كانوا يعبدون من دون الله افتراء عليه.