قوله: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَاء رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم يحتمل أن يكون هذا في الدنيا، يدعوهم إلى الإيمان، ثم بعد ذلك يقضي الله بينه وبين قومه، ويحتمل أن يكون ذلك في الآخرة، وهذا هو الأقرب الذي دل عليه ظاهر القرآن، كما في قوله - تبارك وتعالى -: وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء [سورة الزمر:69]، فالأنبياء يأتون وكل نبي يأتي إلى قومه يوم القيامة، ثم يشهد الشهداء، ويحكم الله بين هؤلاء، وهذا هو الأقرب - والله تعالى أعلم -، ويحتمل المعنى الآخر في قول عيسى : وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ [سورة المائدة:117]، فهذا في الدنيا، والله يسأله يوم القيامة: أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ [سورة المائدة:116]، وكذلك يقول الله - تبارك وتعالى -: فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ [سورة الأعراف:6-7] فكل هذا يوم القيامة، فيسأل الرسل عن أقوامهم، يُسألون عن البلاغ، ويُسأل هؤلاء الأقوام عن الإجابة مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ [سورة القصص:65]، ويوم يناديهم بهذا النداء ويسألهم هذا السؤال فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنبَاء [سورة القصص:66]، - والله تعالى أعلم -.
- رواه البخاري برقم (836)، كتاب الجمعة، باب فرض الجمعة، ومسلم برقم (855)، كتاب الجمعة، باب هداية هذه الأمة ليوم الجمعة، من حديث أبي هريرة ، بدون زياة: المقضي لهم قبل الخلائق، فهي عند مسلم برقم (856)، كتاب الجمعة، باب هداية هذه الأمة ليوم الجمعة، ولفظ الحديث قال النبي ﷺ: أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهود يوم السبت، وكان للنصارى يوم الأحد، فجاء الله بنا فهدانا الله ليوم الجمعة، فجعل الجمعة والسبت والأحد، وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة، نحن الآخرون من أهل الدنيا والأولون يوم القيامة، المقضي لهم قبل الخلائق.