يقول تعالى منكراً على من ادعى أن له ولداً سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ أي: تقدس عن ذلك، هو الغني عن كل ما سواه، وكل شيء فقير إليه، لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أي: فكيف يكون له ولد مما خلق وكل شيء مملوك له، عبد له؟، إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أي: ليس عندكم دليل على ما تقولونه من الكذب والبهتان، أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ إنكار ووعيد أكيد وتهديد شديد، كقوله تعالى: وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا [سورة مريم:88-95] ثم توعد تعالى الكاذبين عليه المفترين ممن زعم أن له ولداً بأنهم لا يفلحون في الدنيا ولا في الآخرة، فأما في الدنيا فإنهم إذا استدرجهم وأملى لهم متعهم قليلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ [سورة لقمان:24] كما قال تعالى هاهنا: مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا أي: مدة قريبة، ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ أي: يوم القيامة ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ أي: الموجع المؤلم، بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ أي: بسبب كفرهم وافترائهم وكذبهم على الله فيما ادعوا من الإفك والزور.
هنا في قوله: قَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ وجه هذا الرد باعتبار أن اتخاذ الولد يكون من حاجة، فالإنسان يحتاج إلى الولد ليكون عاضداً له، فهو مفتقر إليه، أمّا الغَنِيُّ الغِنَى الكامل المطلق فإنه لا يحتاج إلى الولد، ثم إن قوله: لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ يعني: أن الكل عبيده ومماليكه، والولد بخلاف ذلك، ولهذا فإن الإنسان لو اشترى ولده المملوك فإنه يعتق عليه بهذا الشراء، فالولد له حكم الأب، ولو كان لله ولد فإنه سيكون إلهاً، والله يقول: كل من في السماوات والأرض فهم عبيده ومماليكه، هذا وجه الرد، هذا هو المقصود بهذا الجواب، والله تعالى أعلم.