الإثنين 29 / شوّال / 1446 - 28 / أبريل 2025
بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ الٓر ۚ تِلْكَ ءَايَٰتُ ٱلْكِتَٰبِ ٱلْمُبِينِ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

قال المفسر - رحمه الله تعالى -: "تفسير سورة يوسف ، وهي مكية.

بسم الله الرحمن الرحيم

الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ۝ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ۝ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ [سورة يوسف:1-3].

أما الكلام على الحروف المقطعة فقد تقدم في أول سورة البقرة، وقوله: تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ أي: هذه آيات الكتاب وهو القرآن المبين أي الواضح الجلي الذي يفصح عن الأشياء المبهمة، ويفسرها، ويبينها، إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وذلك لأن لغة العرب أفصح اللغات، وأبينها، وأوسعها، وأكثرها تأدية للمعاني التي تقوم بالنفوس؛ فلهذا أنزل أشرف الكتب بأشرف اللغات، على أشرف الرسل، بسفارة أشرف الملائكة، وكان ذلك في أشرف بقاع الأرض، وابتدأ إنزاله في أشرف شهور السنة وهو رمضان، فكمل من كل الوجوه؛ ولهذا قال تعالى: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ بسبب إيحائنا إليك هذا القرآن.

وقد ورد في سبب نزول هذه الآية ما رواه ابن جرير عن ابن عباس - ا - قال: قالوا: يا رسول الله ﷺ لو قصصت علينا؟ فنزلت: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ".

فقوله - تبارك وتعالى -: تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ يقول الحافظ - رحمه الله -: "وهو القرآن المبين أي: الوضح الجلي الذي يفصح عن الأشياء المبهمة، ويفسرها، ويبينها"، وهذا ظاهر الآية، ويحتمل أن يكون من أبان أو من بان بمعنى أنه ظاهر أمره؛ لأن الله - تبارك وتعالى - أنزله مبيناً، أو أنه مبينٌ لما فيه من الأحكام، وهذه المعاني جميعاً تحتملها هذه الجملة، وكلها صحيحة - والله تعالى أعلم -، فالقرآن مبينٌ لمن قرأه، أو سمعه؛ أنه من عند الله وليس من كلام البشر، كما أنه مبين للأحكام، وأنه في غاية الوضوح، ليس فيه إلغاز، ولا غموض كما قال - تبارك وتعالى -: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ [سورة القمر:17].

وسبب نزول هذه الرواية التي ذكرها في قوله: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ عن ابن عباس - ا - لما سألوا النبي ﷺ لا تخلو من ضعف، لكن ورد بسياق أطول من هذا عن سعد بن أبي وقاص أنهم سألوا النبي ﷺ أن يحدثهم، فنزلت، ثم سألوه أن يحدثهم فنزل قول الله: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ [سورة الزمر:23].