الخميس 22 / ذو الحجة / 1446 - 19 / يونيو 2025
قَالَ إِنِّى لَيَحْزُنُنِىٓ أَن تَذْهَبُوا۟ بِهِۦ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ ٱلذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَٰفِلُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ ۝ قَالُواْ لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَّخَاسِرُونَ [سورة يوسف:13-14].

يقول تعالى مخبراً عن نبيه يعقوب أنه قال لبنيه في جواب ما سألوا من إرسال يوسف معهم إلى الرعي في الصحراء إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ أي: يشق عليّ مفارقته مدة ذهابكم به إلى أن يرجع، وذلك لفرط محبته له لما يتوسم فيه من الخير العظيم، وشمائل النبوة، والكمال في الخَلْق والخُلُق - صلوات الله وسلامه عليه -، وقوله: وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ يقول: وأخشى أن تشتغلوا عنه برميكم، ورعيكم؛ فيأتيه ذئب فيأكله وأنتم لا تشعرون، فأخذوا من فمه هذه الكلمة، وجعلوها عذرهم فيما فعلوه، وقالوا مجيبين له عنها في الساعة الراهنة لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَّخَاسِرُونَ يقولون: لئن عدا عليه الذئب فأكله من بيننا ونحن جماعة إنا إذاً لهالكون عاجزون".

يعني كيف يتمكن الذئب من الوصول إليه ونحن بهذا العدد من الرجال؟، فهذا عجزٌ، وضعف، وخسران، وقوله: إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ معروف أن الحزن هو الاغتمام من أمرٍ فائت، وأما الخوف فهو الاغتمام من أمرٍ مستقبل؛ هذا هو الفرق بينهما كما هو مشهور، وقد يعبر بأحدهما عن الآخر، وهو قليلٌ في الاستعمال، ومنه هذا الموضع، عبر بالحزن عن الخوف إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ يعني أنه يتخوف عليه من أمرٍ يحصل في المستقبل، كأكل الذئب له.