السبت 05 / ذو القعدة / 1446 - 03 / مايو 2025
وَأُدْخِلَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ جَنَّٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ۖ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَٰمٌ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

ثم لما ذكر تعالى مآل الأشقياء وما صاروا إليه من الخزي والنكال وأن خطيبهم إبليس، عطف بمآل السعداء، فقال: وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ، سارحة فيها حيث ساروا وأين ساروا، خَالِدِينَ فِيهَا ماكثين أبداً لا يحولون ولا يزولون، بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ، كما قال تعالى: حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ [سورة الزمر:73]، وقال تعالى: وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ [سورة الرعد:23]، وقال تعالى: وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاماً [سورة الفرقان:75]، وقال تعالى: دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [سورة يونس:10].

قوله: وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ تحية: مصدر، وقوله: وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ يحتمل أن يكون بمعنى : ما يحييهم الله به، وهذا معنىً صحيح؛ لأن الله يقول: سَلَامٌ قَوْلًا مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ [سورة يــس:58]، ويمكن أن يكون من قبيل تحية الملائكة لهم، كما قال الله : وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ ۝ سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ [سورة الرعد:23-24]، ويمكن أن يكون تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ أي: ما يحيي به بعضهم بعضاً، وهذا صحيح، فالسلام تحية أهل الجنة، فكل هذه المعاني صحيحة، تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ [سورة الأحزاب:44] والقرآن يعبر به بالألفاظ القليلة الدالة على المعاني الكثيرة.