الأحد 18 / ذو الحجة / 1446 - 15 / يونيو 2025
وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

وَجَآءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ ۝ قَالَ إِنّ هَؤُلاَءِ ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ ۝ وَاتّقُواْ اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ ۝ قَالُواْ أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ ۝ قَالَ هَؤُلاَءِ بَنَاتِي إِن كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ۝ لَعَمْرُكَ إِنّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ [سورة الحجر:67-72].

يخبر تعالى عن مجيء قوم لوط لما علموا بأضيافه وصباحة وجوههم، وأنهم جاءوا مستبشرين بهم فرحين، قَالَ إِنّ هَؤُلاَءِ ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ ۝ وَاتّقُواْ اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ وهذا إنما قاله لهم قبل أن يعلم أنهم رسل الله، كما قال في سورة هود، وأما ههنا فتقدم ذكر أنهم رسل الله، وعطف بذكر مجيء قومه ومحاجته لهم، ولكن الواو لا تقتضي الترتيب ولا سيما إذا دل دليل على خلافه.

جاء الملائكة إليه على أنهم ملائكة، وأخبروه لما قال لهم: إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ.

قالوا: بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ عرف أنهم ملائكة، ثم جاء أهل المدينة يستبشرون، في ترتيب الآيات أنهم جاءوا بعد أن عرف أنهم من الملائكة، وَجَآءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ ۝ قَالَ إِنّ هَؤُلاَءِ ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ، فالواو وَجَآءَ هي التي يتحدث عنها الحافظ ابن كثير - رحمه الله - يقول: "إنها لا تقتضي الترتيب"، الواو أصلاً لا تقتضي الترتيب، وَجَآءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ جاء أهل المدينة قبل أن يدور هذا الحوار بين لوط ﷺ وبين الملائكة، وقبل أن يعرف أنهم ملائكة، فلما نزل به هؤلاء الأضياف جاءه قومه وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ ۝ قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ ۝ قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً [سورة هود:78-80]، على القولين أنه وجه هذا الخطاب للملائكة، أو أنه وجهه لقومه أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ [سورة هود:80]، عندئذ قال الملائكة: يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ [سورة هود:81] فالواو هذه لا تقتضي الترتيب.