الإثنين 29 / شوّال / 1446 - 28 / أبريل 2025
وَإِذَا بَدَّلْنَآ ءَايَةً مَّكَانَ ءَايَةٍ ۙ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوٓا۟ إِنَّمَآ أَنتَ مُفْتَرٍۭ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

قال المصنف في تفسيره - رحمه الله تعالى - في تفسير قوله تعالى: وَإِذَا بَدّلْنَا آيَةً مّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزّلُ قَالُوَاْ إِنّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ۝ قُلْ نَزّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رّبّكَ بِالْحَقّ لِيُثَبّتَ الّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَىَ لِلْمُسْلِمِينَ [سورة النحل:101-102].

يخبر تعالى عن ضعف عقول المشركين وقلة ثباتهم وإيقانهم، وأنه لا يتصور منهم الإيمان وقد كتب عليهم الشقاوة، وذلك أنهم إذا رأوا تغيير الأحكام ناسخها بمنسوخها قالوا لرسول الله ﷺ: إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ: أي كذاب، وإنما هو الرب تعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وقال مجاهد: بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ أي: رفعناها وأثبتنا غيرها.

فقوله - تبارك وتعالى -: وَإِذَا بَدّلْنَا آيَةً مّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزّلُ قَالُوَاْ إِنّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ: قوله: وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزّلُ جملة اعتراضية، والقاعدة في مثل هذه الجمل الاعتراضية أنها تأتي في كل مقام بحسبه؛ للاحتراز تارة من فهمٍ قد يُساء، أو غير ذلك من المعاني، فقوله: وَإِذَا بَدّلْنَا آيَةً مّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزّلُ، كأنه جواب على سؤال سائل، وَإِذَا بَدّلْنَا آيَةً مّكَانَ آيَةٍ، قَالُوَاْ إِنّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ، فالله قال: وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزّلُ يعني: أن الذي أبْدَلَه وأتَى بغيره منزل من الله ، وأن الله عالم بذلك، فهذا التبديل حق وليس بباطل، هو من عند الله، فالآية المبدلة من عند الله، والآية البديلة هي من عند الله، والله إنما يفعل ذلك عن علم، والجميع منزل، ليس فيه شيء مختلق، فهذه الجملة الاعتراضية أفادت هذا المعنى، وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ، قَالُوَاْ إِنّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ، فقال: وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزّلُ، هذا التبديل إنما هو صادر عن علمه - تبارك وتعالى -، وكله من تنزيله، فهو حق.

وقال قتادة: هو كقوله تعالى: مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا [سورة البقرة:106] الآية.

يعني إذا علم أنه منزل من عند الله، وأنه حق وبعلمه، فيجب التسليم له والانقياد، كما يسلّم الإنسان للآية الأولى حينما نزلت، فإذا بدل ذلك ونسخه فيجب التسليم والانقياد.