الثلاثاء 08 / ذو القعدة / 1446 - 06 / مايو 2025
وَلَا تَقُولُوا۟ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ ٱلْكَذِبَ هَٰذَا حَلَٰلٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا۟ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ ۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

ثم نهى تعالى عن سلوك سبيل المشركين الذين حللوا وحرموا بمجرد ما وصفوه واصطلحوا عليه من الأسماء بآرائهم من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام وغير ذلك، مما كان شرعاً لهم ابتدعوه في جاهليتهم، فقال: وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ ويدخل في هذا كل من ابتدع بدعة ليس له فيها مستند شرعي، أو حلل شيئاً مما حرم الله، أو حرم شيئاً مما أباح الله بمجرد رأيه وتشهيه، و"ما" في قوله: لِمَا تَصِفُ مصدرية، أي ولا تقولوا الكذب لوصف ألسنتكم، ثم توعد على ذلك فقال: إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ: أي في الدنيا ولا في الآخرة، أما في الدنيا فمتاع قليل، وأما في الآخرة فلهم عذاب أليم، كما قال: نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ [سورة لقمان:24] وقال: قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ ۝ مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ [سورة يونس: 69-70].

قوله هنا: وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ، كلام الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في أن "ما" مصدرية، لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ: أي ولا تقولوا الكذب لوصف ألسنتكم، ما المعنى على هذا التفسير؟، وما مراد ابن كثير بأن "ما" مصدرية؟ كيف يكون المعنى؟ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ، يقول: ولا تقولوا الكذب لوصف ألسنتكم، واللسان: يعبر به عن الكلام، بمعنى لا تقولوا لوصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام، أي ما افترته ألسنتكم وادعته هذه الألسنة تقوّلاً على الله ، فقوله: وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ أي: لوصف ألسنتكم الكذب لا تقولوا عنه حلال وحرام، مثل البحيرة والسائبة، إلى غير ذلك، ويحتمل أن تكون "ما" موصولة، فقوله: وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ: يعني للذي تصف ألسنتكم الكذب، هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ، وهذه الآية وعيد لكل من قال على الله بلا علم، ممن أفتى الناس ولم يتأهل، وتكلم في الحلال والحرام أو غير ذلك بغير علم، وسواء تعمد الكذب أو أنه وقع في ذلك على سبيل الخطأ، والله المستعان.