وقوله: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ أي: معهم بتأييده ونصره ومعونته وهديه وسعيه وهذه معية خاصة كقوله: إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ [سورة الأنفال:12]، وقوله لموسى وهارون: لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى [سورة طه:46] وقول النبي ﷺ للصديق وهما في الغار: لا تحزن إن الله معنا[1]، وأما المعية العامة فبالسمع والبصر والعلم، كقوله تعالى: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [سورة الحديد:4] وكقوله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا [سورة المجادلة:7]، وكما قال تعالى: وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً [سورة يونس:61] الآية، ومعنى الَّذِينَ اتَّقَوْا أي: تركوا المحرمات، وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ أي: فعلوا الطاعات، فهؤلاء الله يحفظهم، ويكلؤهم وينصرهم، ويؤيدهم ويظفرهم على أعدائهم ومخالفيهم.
آخر تفسير سورة النحل ولله الحمد والمنة، وصلى الله على محمد وعلى آهل وصحبه وسلم تسليماً.
- رواه البخاري، كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، برقم (3419)، ومسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب في حديث الهجرة ويقال له حديث الرحل، برقم (2009).