الأحد 22 / صفر / 1447 - 17 / أغسطس 2025
فَأَصَابَهُمْ سَيِّـَٔاتُ مَا عَمِلُوا۟ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا۟ بِهِۦ يَسْتَهْزِءُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبّكَ كَذَلِكَ فَعَلَ الّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلَكِن كَانُواْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ۝ فَأَصَابَهُمْ سَيّئَاتُ مَا عَمِلُواْ وَحَاقَ بِهِم مّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ [سورة النحل:33-34].

يقول تعالى مهدداً للمشركين على تماديهم في الباطل واغترارهم بالدنيا: هل ينتظر هؤلاء إلا الملائكة أن تأتيهم لقبض أرواحهم؟، قاله قتادة. أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ أي: يوم القيامة وما يعاينونه من الأهوال.

هذا المعنى الذي ذكره الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: أن الملائكة تأتي لقبض الأرواح، أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ يعني يوم القيامة، ومن السلف من يقول: المقصود به العذاب المستأصل الذي يحصل لهم في الدنيا، والقول الأول الذي ذكره الحافظ ابن كثير - رحمه الله - لعله هو الأقرب، وهو اختيار كبير المفسرين ابن جرير  - رحمه الله -.

وقوله: كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أي: هكذا تمادى في شركهم أسلافهم ونظراؤهم وأشباههم من المشركين حتى ذاقوا بأس الله وحلوا فيما هم فيه من العذاب والنكال، وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ؛ لأنه تعالى أعذر إليهم وأقام حججه عليهم بإرسال رسله وإنزال كتبه، وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ أي: بمخالفة الرسل والتكذيب بما جاءوا به؛ فلهذا أصابتهم عقوبة الله على ذلك، وَحَاقَ بِهِمْ أي: أحاط بهم من العذاب الأليم، مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ أي: يسخرون من الرسل إذا توعدوهم بعقاب الله؛ فلهذا يقال لهم يوم القيامة: هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ [سورة الطور:14].