الإثنين 23 / صفر / 1447 - 18 / أغسطس 2025
وَأَقْسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَٰنِهِمْ ۙ لَا يَبْعَثُ ٱللَّهُ مَن يَمُوتُ ۚ بَلَىٰ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللّهُ مَن يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ۝ لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَاذِبِينَ ۝ إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ [سورة النحل:38-40].

يقول تعالى مخبراً عن المشركين أنهم حلفوا فأقسموا بالله جهد أيمانهم، أي: اجتهدوا في الحلف، وغلظوا الأيمان على أنه لا يبعث الله من يموت، أي: استبعدوا ذلك، وكذبوا الرسل في إخبارهم لهم بذلك، وحلفوا على نقيضه، فقال تعالى مكذباً لهم ورادًّا عليهم: بَلَىَ: أي بلى سيكون ذلك، وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً: أي لا بد منه وَلَكِنّ أَكْثَرَ الْنّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ: أي: فلجهلهم يخالفون الرسل ويقعون في الكفر، ثم ذكر تعالى حكمته في المعاد وقيام الأجساد يوم التناد، فقال: لِيُبَيِّنَ لَهُمُ: أي للناس، الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ: أي من كل شيء لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى[سورة النجم:31].

في قوله هنا: لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ، الضمير في قوله: لِيُبَيِّنَ لَهُمُ يرجع إلى من؟ يحتمل أن يكون عائداً إلى الموتى، وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللّهُ مَن يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا: أي يبعثهم لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ: أي يبين لهؤلاء الذين ماتوا، وما ذكره الحافظ ابن كثير - رحمه الله - هنا أعم في المعنى، أي لِيُبَيِّنَ لَهُمُ: أي للناس المؤمن والكافر، فالله يوم القيامة يحكم بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون، وهذا دل عليه القرآن في مواضع أخرى، ويحتمل أن يكون لِيُبَيِّنَ لَهُمُ متعلقاً بقوله: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أي: لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ، لكن ما قبله أقوى منه وأقرب في المعنى، ويحتمل أن يكون الضمير في لِيُبَيِّنَ لَهُمُ يرجع إلى هؤلاء الذين يجادلون في قدرة الله على إحياء الموتى، والبعث، وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللّهُ مَن يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا، لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ هؤلاء الذين يشاقون ويجادلون في البعث، هذا معنى لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ من أمر البعث وإحياء الموتى بعد فنائهم.

وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَاذِبِينَ: أي: في أيمانهم وأقسامهم لا يبعث الله من يموت، ولهذا يُدَعُّون يوم القيامة إلى نار جهنم دعاً، وتقول لهم الزبانية: هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ ۝ أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنتُمْ لَا تُبْصِرُونَ ۝ اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاء عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [سورة الطور: 14-16].