وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنّ بِالّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً إِلاّ رَحْمَةً مّن رّبّكَ إِنّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيراً قُل لّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنّ عَلَىَ أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً وَلَقَدْ صَرّفْنَا لِلنّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلّ مَثَلٍ فَأَبَىَ أَكْثَرُ النّاسِ إِلاّ كُفُوراً [سورة الإسراء:86-89].
يذكر تعالى نعمته وفضله العظيم على عبده ورسوله الكريم ﷺ فيما أوحاه إليه من القرآن المجيد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، قال ابن مسعود : يطرق الناسَ ريحٌ حمراء - يعني في آخر الزمان - من قبل الشام، فلا يبقى في مصحف رجل ولا في قلبه آية، ثم قرأ ابن مسعود:وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنّ بِالّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ الآية.
صح عن النبي ﷺ أنه يسرى على القرآن في ليلة وذلك في آخر الزمان، فالآية التي ذكرها الله هنا ليس المقصود بها آخر الزمان، وإنما يقول الله لنبيه ﷺ: وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنّ بِالّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لو شئنا لمحوناه من القلوب ومن الكتب حتى لا يوجد له أثر، فالذي أنزله عليك قادر على رفعه ومحوه ثم لا تجد من يتوكل علينا في رد شيء منه بعد أن ذهبنا به، ثُمّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً يتوكل برده بعد رفعه، فالله - تبارك وتعالى - على كل شيء قدير.
وقوله: وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنّ بِالّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً إِلاّ رَحْمَةً مّن رّبّكَ، يحتمل أن يكون الاستثناء متصلاً، ويحتمل أن يكون الاستثناء منفصلاً منقطعاً، فإذا كان الاستثناء متصلاً فالمعنى إلا أن يرحمك ربك فلا نذهب به، وإذا كان منقطعاً يكون بمعنى لكن، فيكون المعنى لكن لا يشاء ذلك؛ رحمة من ربك، أي لكن رحمة من ربك تركته غير مذهوب به، والفرق بين المعنيين واضح.