الثلاثاء 16 / شوّال / 1446 - 15 / أبريل 2025
ٱلَّذِينَ ءَاتَيْنَٰهُمُ ٱلْكِتَٰبَ يَتْلُونَهُۥ حَقَّ تِلَاوَتِهِۦٓ أُو۟لَٰٓئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِۦ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِهِۦ فَأُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْخَٰسِرُونَ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي مجالس في تدبر القرآن الكريم
مرات الإستماع: 0

وقوله: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ [سورة البقرة:121] قال عبد الرزاق عن مَعْمَر عن قتادة: هم اليهود، والنصارى، وهو قول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، واختاره ابن جرير.
وقال: سعيد عن قتادة: هم أصحاب رسول الله ﷺ.
وقال أبو العالية: قال ابن مسعود: "والذي نفسي بيده، إن حق تلاوته أن يُحِلَّ حلاله، ويحرم حرامه، ويقرأه كما أنزله الله، ولا يحرف الكلم عن مواضعه، ولا يتأول منه شيئاً على غير تأويله".
وقال السدي عن أبي مالك عن ابن عباس في هذه الآية قال: يُحِلُّون حلاله، ويُحَرِّمُون حرامه، ولا يُحَرِّفُونه عن مواضعه.
وعن عمر بن الخطاب : هم الذين إذا مروا بآية رحمة سألوها من الله، وإذا مروا بآية عذاب استعاذوا منها، قال: وقد روي هذا المعنى عن النبي ﷺ أنه كان إذا مرَّ بآية رحمة سأل، وإذا مرَّ بآية عذاب تعوذ.
قوله: يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ لا شك أن من تلاوته على الوجه المطلوب أن يتدبره، وأن يتفهمه، وأن يقف عند مواضع السؤال، ويقف عند مواضع الوعيد، والتهديد، وأن يعتبر، وأن يستشعر أنه مخاطب بهذا الخطاب، وأن يعمل به، يعمل بالكتاب، ويتحاكم إليه، فكل ذلك من تلاوته حق التلاوة.
وذهب بعض السلف - ومشى عليه كبير المفسرين ابن جرير الطبري - رحمه الله - إلى أن المراد بهؤلاء الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ [سورة البقرة:121] في هذا المقام هم علماء اليهود، وهذا على اعتبار أن "أل" هنا عهدية، يعني الكتاب المعهود الذي أنزله الله عليهم، وقص الله علينا خبره في مواضع من كتابه، فعند ابن جرير - رحمه الله - هم علماء اليهود الذين آمنوا بالله، وصدقوا رسله فأقروا بحكم التوراة، وعملوا بما أمر الله فيها من اتباع محمد ﷺ، والإيمان به، والتصديق بما جاء به عن ربه ، فهؤلاء هم الذين يتلونه حق تلاوته؛ من تلاه إذا تبعه - على قول ابن جرير - فالتلاوة تحتمل أن تكون بمعنى القراءة، وتحتمل أن تكون بمعنى الاتباع، تلا يتلو يتلوه بمعنى يتبعه.
يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ يعني يتبعونه حق اتباعه؛ لأنهم آمنوا بالتوراة، وفي ضمن ذلك ما أخبرت به التوراة من بعث محمد ﷺ، وأنه رسول من عند الله حقاً، فهؤلاء يتبعونه حق اتباعه، بل نقل الإجماع على أن المراد بتلاوته هنا حق التلاوة هو الاتباع، أي يتبعونه حق اتباعه، ومن المعلوم أن ابن جرير - رحمه الله - ينقل الإجماع، ويريد به الأكثر، وإن خالف فيه بعضهم، فهو يطلق الإجماع على قول الأكثرين، فعلى كل حال يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أي يتبعونه حق اتباعه، ويبقى الاحتمال قائماً بأن التلاوة المراد بها القراءة، ولكن الذين يتلونه بمعنى يقرؤونه حق قراءته لا يكون ذلك متحققاً فيهم إلا إذا اتبعوه حق اتباعه، فلا تكفي التلاوة بل لا بد من التدبر، والتفهم، ولا بد من العمل به، والتحاكم إليه، وإلا فإن هؤلاء يكونون قد، وقعوا في شيء من هجره، كما قال تعالى: وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا [سورة الفرقان:30]، وهجره كما قال الحافظ ابن القيم: من هجر قراءته فقد هجره، من هجر تفهمه، وتدبر معانيه فقد هجره، وكذلك من هجر العمل به، أو هجر التحاكم إليه، فكل هؤلاء داخلون في هجره.
والمقصود هنا إذن يمكن أن يقال - والله تعالى أعلم - بأن الآية تحتمل المعنيين، فالتلاوة بمعنى الاتباع، والتلاوة بمعنى القراءة، وبينهما ملازمة، فإن من قرأه حق قراءته، فلا بد أن يتفهمه، وأن يعمل به، ويتحاكم إليه.
والقاعدة أن الآية إذا احتلمت معنيين فأكثر بينهما ملازمة فإنها تحمل على كل هذه المعاني، والقرآن يعبر به بالألفاظ القليلة الدالة على المعاني الكثيرة، فقوله: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ [سورة البقرة:121] أي يقرؤونه حق القراءة، ويتبعون ما فيه، وينقادون لذلك، - والله أعلم -.
وقوله: أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ خَبَر عن الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ [سورة البقرة:121].أي أن الضمير في قوله: يُؤْمِنُونَ بِهِ يعود على الكتاب المذكور قبله، والمعنى أن الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ من صفتهم كذا، وكذا، فهؤلاء هم الذين يؤمنون بالكتاب.
أي من أقام كتابه من أهل الكتب المنزلة على الأنبياء المتقدمين حق إقامته، آمن بما أرسلتك به يا محمد، كما قال تعالى: وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم [سورة المائدة:66] الآية، قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ [سورة المائدة:68]، أي: إذا أقمتموها حق الإقامة، وآمنتم بها حَقَّ الإيمان، وصَدَّقتم ما فيها من الأخبار بمبعث محمد ﷺ، ونَعْتِه، وصفته، والأمر باتباعه، ونصره، ومؤازرته، قادكم ذلك إلى الحق، واتباع الخير في الدنيا، والآخرة كما قال تعالى: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ [سورة الأعراف:157] الآية، وقال تعالى: قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا ۝ وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً [سورة الإسراء:107-108] أي: إن كان ما، وعدنا به من شأن محمد ﷺ لواقعًا.وعلى هذا تحمل الآيات التي هي نظير لهذه الآية، وهي التي يتعلق بها الملبسون المدلسون الذين يذكرون مثل هذه الآيات ليقولوا: إن اليهود، والنصارى على دين حق، وقد أثنى الله عليهم، ووعد المحسن منهم بالجنة، وأنهم ناجون عند الله ، ولا يجوز أن نكفرهم، وكل ذلك من الكذب، بل هم كفار أعداء لله، ولرسله، وإنما هذه الآيات التي أثنى الله فيها على طائفة منهم هم الذين كانوا قبل مبعث محمد ﷺ، وكانوا على دين صحيح من غير تحريف، أو الذين أدركوه فاتبعوه، فإن إيمانهم بكتابهم حقاً يقتضي الاتباع لمحمد - عليه الصلاة، والسلام - فمن لم يتبع رسول الله ﷺ فهو من حطب النار، وهم أكفر أهل الدنيا؛ لأنهم كفروا على علم، حيث أنزل الله عليهم كتبه، وأرسل رسله، ومع ذلك، وقعوا في هذا التكذيب، والجحد، والكفر العظيم، فما أحوجنا إلى تفهم هذه المعاني، وبثها في الناس، وخاصة في مثل هذه الأيام.
وقال تعالى: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ ۝ وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ ۝ أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ [سورة القصص:52-54]، وقال تعالى: وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ [سورة آل عمران:20]، ولهذا قال تعالى: وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [سورة البقرة:121] كما قال تعالى: وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ [سورة هود:17].الضمير في قوله: بِهِ يرجع إلى نفس الكتاب المذكور، أي أن كل هذه الضمائر المذكورة ترجع إلى شيء واحد هو الكتاب، سواء في قوله: أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ [سورة البقرة:121]، أو في قوله: وَمن يَكْفُرْ بِهِ [سورة البقرة:121]، أو في قوله: هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ [سورة القصص:52].... الخ..
 وفي الصحيح: والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي، ولا نصراني، ثم لا يؤمن بي، إلا دخل النار[1]
  1. أخرجه مسلم في كتاب الإيمان - باب، وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد ﷺ إلى جميع الناس، ونسخ الملل بملة (153) (ج 1 /  ص 134).

مرات الإستماع: 0

"الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يعني المسلمين، والْكِتابَ على هذا القرآن، وقيل: هم من أسلم من بني إسرائيل، والْكِتابَ على هذا هو التوراة، ويحتمل العموم، ويكون الْكِتابَ اسم جنس".

الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ المراد بهم: المسلمين، والْكِتَابَ المراد به القرآن، وهذا القول اختاره بعض السلف: كقتادة، وقال عبد الرحمن بن زيد: بأنهم اليهود، والنصارى[1].

وقد ذهب ابن جرير - رحمه الله - إلى أن المقصود بقوله: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يعني: أحبارَ اليهود، وعلماء النصارى[2] الذين آمنوا بالله، وصدقوا رسله، فأقروا بحكم التوراة، فعملوا بما أمر الله - تبارك، وتعالى - به فيها، من اتباع النبي ﷺ والإيمان به، والتصديق بما جاء به من ربه.

أولئك يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ يعني: يتبعونه حق اتباعه، وقد ذكرنا في بعض المناسبات: أن التلاوة تأتي بمعنى القراءة، فالقاري تالي؛ لأنه يتلو الحروف، والكلمات، ونحو ذلك، يتبعها بقراءته، وكذلك يأتي بمعنى الاتباع، فهنا فسر كثير من السلف قوله: يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ يعني يتبعونه حق اتباعه، وليس مجرد التلاوة بالألسن، فلا بد من العمل، والامتثال.

فيكون معنى: يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ يعني: يتبعونه حق اتباعه، فيشمل ذلك القرآن، ويشمل ذلك الكتب قبله: كالتوراة، والإنجيل، فيكون ذلك من قبيل الوصف المبين لحقيقة الإيمان بالكتاب، والتلاوة الحقة له، وأن ذلك بالعمل بما فيه، وباتباعه.

فإذا حُمل على اليهود مثلًا، أو اليهود، والنصارى، فلا شك أن المقصود بذلك مَن آمن بالنبي ﷺ إن كان قد أدركه؛ لأن كتابهم قد دل عليه، وذكره بصفته التي لا تلتبس، وأمر بالإيمان به.

"يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أي: يقرؤونه كما يجب من التدبر له، والعمل به، وقيل: معناه يتبعونه حق إتباعه، بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه".

لاحظ هنا اعتبر أن التلاوة: بمعنى القراءة، التي يتبعها التدبر، والعمل، والامتثال، والمعنى الثاني: فسّر التلاوة: بالاتباع، تلا بمعنى اتبع، ثم رجح المعنى الأول، تفسير التلاوة بالاتباع هذا قال به كثيرون من السلف يَتْلُونَهُ يعني يتبعونه، وهو مروي عن ابن عباس، وابن مسعود، وجماعة كبيرة من التابعين: كقيس بن سعد، وعكرمة، وعطاء، ومجاهد، وأبو رَزين، وإبراهيم النخعي، والحسن[3].

بل حكى عليه ابن جرير الإجماع[4] على أن يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ بمعنى يتبعونه.

وهل ينافي هذا المعنى، المعنى الأول الذي ذكره ابن جزي بأنه: بمعنى: يقرؤونه كما يجب من التدبر له، والعمل به؟ الجواب: أنه لا ينافيه؛ لأنه فسره بالقراءة مع التدبر، والعمل، لكن لو فُسر يَتْلُونَهُ بمعنى يقرؤونه فقط، لكان منافياً، لكن ابن جزي لم يقتصر على القراءة في المعنى الأول، وإنما ذكر القراءة، والتدبر، والعمل، فهذا المعنى يشمل في الواقع قول من قال: إنهم يتبعونه، يعني القول الأول يتضمن القول الثاني، والقول الأول أوسع من القول الثاني، فالمعنى الغالب في التلاوة أنه القراءة، لكن لما ذكر معه التدبر، والعمل به، كان متضمنًا للقول الثاني، الذي هو الاتباع.

"والأول أظهر، فإن التلاوة، وإن كانت تقال بمعنى القراءة، وبمعنى الاتباع، فإنها أظهر في معنى التلاوة، لا سيما إذا كانت تلاوة الكتاب".

لكن لا يُفسر بها بمجردها، وإنما يقال: التلاوة مع التدبر، والعمل، فيكون قد جمع بين المعنيين.

"ويحتمل أن تكون هذه الجملة في موضع خبر (الذين) فيتم الكلام فيوقف عليها".

يعني الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ هذه الجملة خبر، فيوقف عليها، لكن هذا لا يخلو من بُعد؛ لأنه يوجب أن يكون كل من أوتي الكتاب يتلوه حق تلاوته.

فإذا حصل الفصل بين الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ وبين أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ صار الكلام تامًا، مبتدأ، وخبر، جملة تامة، لكن هل هذا هو الواقع: أن كل من أوتي الكتاب يتلوه حق تلاوته؟

الجواب: لا، فليس الأمر كذلك، إلا إذا كان المقصود بالذين أوتوا الكتاب الأنبياء؛ لأن هناك من قال: إنهم الأنبياء - عليهم الصلاة، والسلام - لكن لا دليل على هذا.

فإذا جعلت قوله: يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ هو الخبر، والكلام قد تم عند ذلك، ويمكن أن يوقف عليه، فمن الذين يتلونه حق تلاوته؟ الأنبياء فقط، أما من أُنزل عليهم الكتاب فمنهم من يتلوه حق تلاوته، ومنهم غير ذلك، كما قال الله : وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ [البقرة: 78] كما سبق في أحد القولين المشهورين، وهو ظاهر كلام شيخ الإسلام، كما قلنا: بأنه أماني، إلا قراءة مجردة، يعني من غير عقل لمعانيه، ولا عمل بما تضمنه، وعليه فهذا القول فيه بُعد. 

"ويحتمل أن تكون هذه الجملة في موضع الحال، ويكون الخبر أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وهذا أرجح؛ لأن مقصود الكلام الثناء عليهم بالإيمان، أو إقامة الحجة بإيمانهم على غيرهم ممن لم يؤمن".

لاحظ أن تكون الجملة في موضع الحال، حالية، والخبر أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ يعني الذين آتيناهم الكتاب حال كونهم يتلونه حق تلاوته أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ هذا هو الخبر، الذي يتم به الكلام، فالذين يؤمنون به هم الذين أوتوه، ويتلونه حق تلاوته - والله أعلم -.

  1.  تفسير ابن كثير (1/403).
  2.  تفسير الطبري (3/ 187).
  3.  المصدر السابق (2/567- 568).
  4.  المصدر السابق (2/ 569).

مرات الإستماع: 0

يقول الله -تبارك وتعالى: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [سورة البقرة:121] معنى الآية الذين أعطيناهم الكتاب من اليهود والنصارى يقرأون القراءة الصحيحة، ويتبعونه حق الاتباع، يؤمنون بما جاء فيه من الإيمان برسل الله ومنهم خاتم الرسل -عليه الصلاة والسلام- ولا يحرفون ولا يبدلون ما جاء في كتابهم، هؤلاء هم الذين يؤمنون بالنبي ﷺ وبما أنزل عليه، أما الذين بدلوا وحرفوا وغيروا وكتموا فهؤلاء هم كفار بالنبي ﷺ وبما أنزل عليه، ومن يكفر به فهذا هو الخاسر.

يؤخذ من هذه الآية: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ هذا في سياق المدح، الحافظ ابن القيم -رحمه الله- استقرأ ما يعبر به عن أهل الكتاب، وما يسمون أو يوصفون به، فجعل ذلك على أنواع: فـالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يقول: باستقراء القرآن أن مثل هذا يذكر عادة في سياق المدح الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ أما إذا قال: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ [سورة النساء:51] مثلاً، فهذه تكون في معرض الذم، وأما إذا قال: أوتوا الكتاب فهذا قد يتناول الفريقين، لكنه لا يفرد به الممدوحون دون غيرهم، يعني إذا قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ [سورة النساء:47] قد يشمل أهل الإيمان منهم وأهل الكفر، لكنه لا يفرد به الأخيار، أهل الإيمان والتوحيد منهم، وإذا جاء: أَهْلِ الْكِتَابِ عم الفريقين، إذا جاء أَهْلِ الْكِتَابِ هذا ذكره في مفتاح السعادة[1] ومبناه كما ذكرت على الاستقراء، تتبع هذه الاستعمالات ونظر إلى السياق من حيث المدح والذم فخرج بهذه النتيجة.

وفي قوله -تبارك وتعالى: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ إلى آخر ما ذكره: الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ به [سورة البقرة:121] هذه كأنها تلخيص لما سبق مما ذكره الله -تبارك وتعالى- من أحوالهم قبل ذلك، فالذين يتلون كتابهم غير مبدلين ولا كاتمين ولا محرفين ولا متخيرين، يتبعونه، يتلونه حق تلاوته، بالعمل بما فيه، فهؤلاء هم الذين يستحقون الثناء والمدح وهم الذين يقرؤونه ويتبعونه الاتباع الصحيح، فليست القضية بالدعاوى إنما القضية بالحقائق، فهؤلاء ينتسبون إلى أنبياء كرام، وينتسبون إلى كتب منزلة قد دخلها ما دخلها من التحريف والتبديل، فالعبرة ليست بالدعوى في الانتساب، أو بالدعاوى الكبيرة في الأماني نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ إنما العبرة بالحقائق، وما يكون عليه الإنسان، فهم على شر حال إلا من آمن منهم الإيمان الصحيح، وهؤلاء قلة.

وهنا أيضًا: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ التلاوة تأتي بمعنى تلاوة الألفاظ، وتأتي بمعنى الاتباع والعمل بما فيه، والآيات الواردة في كتاب الله بالأمر بتلاوة أو بمدح من يتلوه حق تلاوته: اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ [سورة العنكبوت:45] يشمل الأمرين وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ [سورة النمل:92] يشمل الأمرين، يعني تلاوة الألفاظ وكذلك العمل والاتباع.

فهنا: يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ [سورة البقرة:121] فلفظ "تلا" هذا الذي يكون عقب الشيء يتبعه، فهذا في تلاوة الألفاظ كأنه يتتبع الحروف والكلمات بتلاوته لها، وأما العمل والتطبيق والامتثال فهو يتبعه؛ لأن من يتبع شيئًا يكون تاليًا، فلان يتلو كذا، يعني يتبعه، فهذا العامل بالكتاب المطبق لتعالميه يكون تاليًا له، فالتلاوة تشمل هذا وهذا، وهذه التلاوة الكاملة، ليست التلاوة بإقامة حروفه، تقوم إقامة في غاية الدقة كأنما خلق هذا الإنسان لإقامة هذه الحروف، يقيمها أعظم من إقامة القداح، لشدة ضبطه وإتقانه بنطق الحرف، لكن إذا نظرت إلى السلوك والعمل رأيت بونًا شاسعًا.

وهذا تشاهده فيما يعرض أحيانًا من مقاطع في تلاوات عجيبة في دقتها وإقامة الحروف، وإذا نظرت إلى الصور والأشكال هذا أو من معه من القراء الذين اجتمعوا يتمايلون ويتضاحكون وهو يقرأ بقراءة تكسر الحجارة، يقرأ آيات تقطع الحجر، آيات تتحدث عن مشاهد القيامة، آيات تتحدث عن عظمة الله وتظن أن هذا القارئ ومن حضر في هذا المكان أنهم في غاية الخشوع والانكسار، أنهم في حالة انهيار من البكاء، لكن تفاجأ أنهم ينظرون إلى بعضهم ويضحكون؛ لأنه أقام هذه القراءة إقامة تامة متقنة على مقامة معينة، فهم يطربون ويتمايلون، وتسمع أحيانًا بعض الأصوات التي تحاكي القراءة كأنها نغمات، لا يملك الواحد منهم نفسه، ليس هؤلاء الذين يتلونه حق تلاوته، وإنما هؤلاء في حال لا تحمد، ويكون هذا فتنة لهم، ويكون نقصًا في حقهم لا يكون كمالاً.

فالإتقان في القراءة وجودة الأصوات أحيانًا يكون بلاءً على صاحبه، لكن لو اجتمع هذا مع العمل والامتثال والتطبيق وظهر في سمت الإنسان وهديه ودله، لرأيت هذا الذي يقرأ إذا رأيته عرفت أنه يخشى الله كما جاء في الأثر[2] رأيت أنه يخشى الله؛ لما يظهر عليه من أثر القرآن والخشوع والخضوع والإخبات والوقار، ولكنك ترى أحيانًا خلاف ذلك تمامًا.

فهذه قضية لا بد من العناية بها: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ قال ابن مسعود : "يحلون حلاله ويحرمون حرامه ويؤمنون بمتشابهه ويعملون بمحكمه"[3] وقد نقل هذا المعنى شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله[4] فهذه حق التلاوة، وليست مجرد الألفاظ.

يؤخذ من هذه: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ [سورة البقرة:121] أن للإيمان علامة يعرف بها، وهذه العلامة هي: أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ أنهم يتلونه حق تلاوته، يا أهل القرآن إيمانكم بهذا القرآن هو اتباعكم له الاتباع الصحيح والعمل بما جاء فيه، أن يصطبغ الإنسان في ظاهره وباطنه بصبغة القرآن، أن يصبغه القرآن في قلبه، وفي هديه، وسمته ودله، وفي أعماله وأحواله وجوارحه: صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً [سورة البقرة:138] فلا بد أن يصطبغ بالقرآن من يعيش مع القرآن ويقرأ القرآن، ويكون من أهل القرآن ومن القراء لا بد أن يكون أكثر تميزًا من غيره من الناس، أما أن يكون أكثر شرودًا، وأن يكون أكثر ظلمة في وجهه وقلبه وعمله فهذا خلاف ما يتوقع وينتظر من مثله أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ مفهوم المخالفة أنهم إن لم يكونوا كذلك فإن إيمانهم به ليس على الوجه الصحيح.

والإيمان قول وعمل، ليس الإيمان فقط بالقرآن أن يؤمن أنه كلام الله، وأنه وحي أوحى الله به، بل لا بد من أمور أخرى في الإيمان، فإن العمل من جملة الإيمان، فالذي يقول: هذا كلام الله، ولكنه لا يعمل به يكون إيمانه به قد نقص، الإيمان عند أهل السنة والجماعة قول وعمل، فالعمل بالقرآن هو من جملة الإيمان به، ورب جاهل لا يحسن قراءة كثير من القرآن لكنه في حال من الإخبات والخوف والعمل والجد والاجتهاد في طاعة الله يَفضُل أولئك القراء الذين لم يكن لهم نصيب من القرآن إلا إقامة الحروف والألفاظ، وشاهدوا في هذه المواقع والمقاطع ترون عجبًا، ولست أعمم يوجد ما شاء الله، يوجد من إذا رأيتهم ذكرت الله، لكن أتحدث عن فئة يتعجب المؤمن حينما ينظر إلى هؤلاء كيف أوتوا هذه الأصوات؟! وكيف أوتوا هذا الإتقان ولكن الحال لا تسر أبدًا، ولا يظهر أثر للتدين على هؤلاء، أين أثر القرآن على هؤلاء وعلينا جميعًا أمة القرآن، أين الأثر نحن أمة القرآن؟!

ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا [سورة فاطر:32] هذه الأمة بطوائفها الثلاث ليس القراء فقط فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ [سورة فاطر:32] هذه الطوائف الثلاث أين أثر القرآن عليها؟!! ولكن المشتغلين بالقرآن من القراء والدارسين للتفسير وعلومه وما أشبه ذلك التبعة أعظم.

ثم هنا الإشارة إلى البعيد: أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ الإشارة إلى البعيد هذه تدل على رفعة المنزلة، المرتبة، الشرف، فهؤلاء بمنزلة عالية، فهم درجات عند الله -تبارك وتعالى- الفقهاء درجات، وأهل القرآن درجات، القراء وكذلك أيضًا سائر أهل الإيمان هم درجات عند الله -تبارك وتعالى- يتفاضلون ويتفاوتون بحسب ما يقوم بقلوبهم وما يوجد من العمل والاتباع لهذا القرآن، ويقبُح بمن تعلم شيئًا من علوم الشريعة ألا يظهر ذلك على سمته وهديه ودله وعمله، أن يكون طلاب العلوم الشرعية يستوون مع غيرهم في هديهم وسمتهم وفي عملهم، فإذا جاء يصلي متأخرًا من غير عذر أن يكون هذا هو ديدنه فهذه مشكلة، هذا خلل يحتاج إلى مراجعة، أن يسبقه العامة إلى مقدم الصفوف فأين أثر القرآن؟ إذا كان طالب العلم الشرعي لا يوتر وبعض العامة يقوم ليلاً طويلاً ويبكي، إذا كان طالب العلم لا يخشع قلبه ولا تدمع عينه، والعامة لربما لا يتمالك الواحد منهم إذا سمع آية أو ذكرى أو موعظة فأين أثر العلم الشرعي على أصحابه؟!

كذلك أيضًا المعيار والمقياس وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [سورة البقرة:121] وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ الإشارة هنا إلى البعيد يمكن أن يكون لبعدهم عن الخير والرحمة والفلاح، والتركيب فَأُوْلَئِكَ هُمُ فجاء كما نذكر في مناسبات شتى بضمير الفصل "هم" بين طرفي الكلام، أولئك خاسرون، فدخل شيئان: ضمير الفصل بين طرفي الكلام "أولئك هم" لتقوية النسبة، ودخول "ال" على الخاسرين فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ فهذا يشبه الحصر بدخول الضمير، ضمير الفصل "هم" ودخول "ال" يعني كأن هؤلاء قد حصلوا الوصف الكامل من الخسارة، - نسأل الله العافية - الْخَاسِرُونَ كأنه لا خاسر إلا هؤلاء، من هم الخاسرون حقيقة؟

هم هؤلاء: وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ ومفهوم المخالفة أن من يؤمن به حق الإيمان فهذا هو الرابح، هذا هو المفلح.

إذًا الخسارة الحقيقية هي بالكفر بهذا القرآن، فمن كفر به ولو حصل المليارات، ولو حصل أعلى الشهادات، ولو حصل أعلى الرتب في الوظائف فإنه خاسر، خبرات طويلة، دورات تدريبية طويلة، ممارسات، نجاحات، إدارة شركات ضخمة هائلة عبر العالم، ثروات في كل مكان، هو خاسر بنص القرآن الْخَاسِرُونَ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ.

 فالنجاح الحقيقي ليس بجمع الحطام وإنما النجاح الحقيقي في عمارة دار لا تفنى ولا تبلى، دار أبدية سرمدية، أما هذه الدار التي كم سيبقى فيها مديرًا وكم سيبقى فيها آمرًا ناهيًا، عشرين، ثلاثين، أربعين، خمسين، ستين، سبعين سنة، مائة سنة يأمر وينهى، ثم ماذا؟

ثم التلاشي، ثم الزوال فتذهب تلك الأحلام، ويدرك أنه كان يسعى خلف سراب حينما أعرض عن الإيمان والحق والهدى الذي كان يجب عليه أن يتبعه، وأن يعمل به، وأن يجد ويجتهد في تحصيله، أعرض عن هذا بالكلية وصار مشتغلاً بما لم يؤمر بالاشتغال به، هذه هي الخسارة، هذا الذي قد قضى العمر في جمع الحطام، فجمع منه شيئًا كثيرًا يكفي الأجيال التي بعده متعاقبة هذا إذا كان في لحظة الحشرجة وخروج الروح يدرك عندها أنه ذهبت أيامه وذهب شبابه وذهب نشاطه وقوته وعمره في وهم كبير، مثل إنسان جالس مدة طويلة ذهب يومًا في نزهة وجلس كلما رأى حجرًا جميلاً أعجبه أخذه، وقضى يومه وهو في تعب يتتبع الأحجار في الصحراء أو يتتبع أزهارًا، يأخذ هذه وهذه وهذه مما أنبت الربيع، فلما اجتمع له من ذلك شيء كثير إلى آخر النهار وإذا بالذي بيده قد ذبُل فأدرك أنه قد تعنى وتعب وبذل جهدًا في شيء لا بقاء له، الإنسان يأخذ من الدنيا ويعمل، لكن لا ينسى أهم المهمات، فحديثنا عن هذا، ليس تعطيل الدنيا، وتعطيل التجارات والمكاسب، لا، أن تشغله هذه الدنيا، وأن يكون المعيار عندنا في النجاح هو في جمع هذا الحطام. 

  1.  مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (1/ 104). 
  2.  شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (5/ 1692). 
  3.  أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (1/ 218)، وتفسير ابن كثير (1/ 403). 
  4.  مجموع الفتاوى (7/ 168).