يقول: وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَىَ جَنَاحِكَ، وقال في مكان آخر: وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ، يقول: "قال مجاهد وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَىَ جَنَاحِكَ كفك تحت عضدك"، الجناح فسره بعضهم - كالفراء والزجاج - بالعضد، وفسره بعضهم – كقطرب - بالجانب، والله يقول: وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ [سورة الإسراء:24]، يعني: واخفض لهما جناحك الذليل، فُسر بالجانب، يعني: واخفض لهما جانبك، يعني: تواضع، وهذه الأقوال - والله أعلم - لا منافاة بينها، فالذين يقولون هو الجانب، أو الذين يقولون هو العضد، فإن العضد يكون بجانب الإنسان، فالعضد يكون بجانب الإنسان، حتى إن من أهل العلم في تفسير قوله: وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ من قالوا: إن الإنسان إذا أراد أن يبطش فإنه يرفع يديه، وهكذا قالوا بأن العضد أو اليد من الإنسان، وكذلك أيضاً الجانب هو محل الجناح من الطائر، فإذا قال: وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ أو وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَىَ جَنَاحِكَ يعني: إلى جانبك، فإذا ضم يده إلى جانبه فإن ذلك هو محل العضد كما هو معروف، ففي قوله - تبارك وتعالى -: وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فهذا يحصل به كمال الطمأنينة، ويذهب عنه الخوف، وفي قوله - تبارك وتعالى -: وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَىَ جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ تخرج بيضاء، يعني: أنها تخرج بهذه الصفة، بعضهم يقول: كأنها قطعة قمر، مِنْ غَيْرِ سُوَءٍ، أي: من غير علة ولا داء أو برص أو نحو ذلك، فهذه آية يراها الناس، وإذا ضم إليه جناحاه حصل له من الطمأنينة وزال عنه وتلاشى الخوف، وهذا يحتاج إليه في دعوة فرعون ومخاطبته، فهذه آية أخرى لموسى ﷺ قد لا يطلع عليها الناس، لكن إخراج اليد بيضاء هذه آية يرونها ويشاهدونها.