الأحد 18 / ذو الحجة / 1446 - 15 / يونيو 2025
وَإِنِّى لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحًا ثُمَّ ٱهْتَدَىٰ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

وقوله: وَإِنّي لَغَفّارٌ لّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً، أي: كل من تاب إليّ تبت عليه من أي ذنب كان، حتى إنه تاب تعالى على من عبد العجل من بني إسرائيل، وقوله تعالى: تَابَ، أي: رجع عما كان فيه من كفر أو شرك أو معصية أو نفاق، وقوله: وَآمَنَ، أي: بقلبه، وَعَمِلَ صَالِحَاً، أي: بجوارحه، وقوله: ثم اهتدى قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : أي ثم لم يشكك، وقال قتادة ثُمّ اهْتَدَىَ أي: لزم الإسلام حتى يموت، وثم هاهنا لترتيب الخبر على الخبر، كقوله: ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ.

قوله - تبارك وتعالى -: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ما ذكره الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في تعميم معنى التوبة هو الأحسن والأقرب - والله تعالى أعلم -، وبعضهم يقيد ذلك بقوله: لِّمَن تَابَ، أي: من الإشراك، وَآمَنَ، أي: أخلص ووحد الله - تبارك وتعالى -، كما قال ابن جرير - رحمه الله -، وَعَمِلَ صَالِحًا فهذا كما يذكر الله كثيراً الإيمان والعمل الصالح فإنه لابد منه، قال: ثُمَّ اهْتَدَى، يعني: لزم الصراط المستقيم، كما يقال: حسن إسلامه، فيلزم الجادة، ويراعي حدود الله - تبارك وتعالى -، ولا يكون ذلك في مدة ثم بعد ذلك يرجع ويترك ما هو فيه من العمل أو الإيمان أو نحو ذلك، ثُمَّ اهْتَدَى استقام سيره وصح سلوكه على الصراط المستقيم، ويقول: "لترتيب الخبر على الخبر"، يعني: لا بمعنى أن ذلك يكون بحسب الوقوع، هذا معنى ترتيب الخبر على الخبر، الترتيب: لا ترتيب الحصول والوقوع، بمعنى: ليس المقصود ثُمَّ اهْتَدَى التعقيب والتراخي، آمن، تاب وآمن، عمل صالحاً ثم اهتدى، إذا قلنا: ثم هنا للترتيب والتعقيب مع التراخي في الوقوع، فيكون الاهتداء يحصل بعد هذا كله، وليس هذا مقصوداً، وإنما المقصود أن هذا الإنسان يتصف ويتحقق بهذه الصفة مع الإيمان، والعمل الصالح، كما قال الله : ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ [سورة البلد:17]، يعني: ومع ذلك يكون بهذه الصفة، هذا معنى ترتيب الخبر على الخبر، يعني لا ترتيب الوقوع.