قَالَ رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ هذه قراءة حفص عن عاصم وهي قراءة متواترة تدل على أن النبي ﷺ قد قال ذلك وامتثل فحكاه الله عنه.
وقرأه عامة السبعة قُلْ رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ، وقد ذكرنا أن تنوع القراءات بمنزلة تعدد الآيات، فيكون المعنى أن الله تبارك وتعالى أمر نبيه، ثم استجاب النبي ﷺ للأمر، وهذا من إعجاز القرآن، ومن الحكم من نزول القرآن على سبعة أحرف، فتتنوع القراءات وتجد هذه القراءة تدل على الأمر وهذه تدل على الامتثال.
ومعنى احْكُم بِالْحَقِّ أي: افصل بيننا، ومنه قوله تبارك وتعالى: رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ [سورة الأعراف:89] فالحكم يقال له فتاحة، والحاكم يقال له: فاتح وفتاح.
وقوله: إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ [سورة الأنفال:19]، أي: تطلبوا الفتح والحكم، فقد جاءكم الحكم والفصل بما حصل في يوم بدر.
عن زيد بن أسلم: كان رسول الله ﷺ، هذا من قبيل المرسل.
كثيراً ما يأتي لفظ التعبير بالوصف في القرآن ويكون المراد به الكذب، ومنه قوله: وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ [سورة الأنبياء:18] يعني من الكذب، وقوله: وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ [سورة النحل:62]، وقوله: سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حِكِيمٌ عَلِيمٌ [سورة الأنعام:139] .
- تفسير ابن كثير (3 / 248).