الخميس 26 / جمادى الأولى / 1446 - 28 / نوفمبر 2024
لَوْ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلَّا ٱللَّهُ لَفَسَدَتَا ۚ فَسُبْحَٰنَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

أَمِ اتّخَذُوَاْ آلِهَةً مّنَ الأرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ ۝ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ [سورة الأنبياء:21-22].

ينكر تعالى على من اتخذ من دونه آلهة فقال: أَمِ اتّخَذُوَاْ آلِهَةً مّنَ الأرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ أي: أهم يحيون الموتى وينشرونهم من الأرض؟، أي لا يقدرون على شيء من ذلك، فكيف جعلوها لله نداً وعبدوها معه؟ ثم أخبر تعالى أنه لو كان في الوجود آلهة غيره لفسدت السموات والأرض، فقال: لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ أي: في السموات والأرض لَفَسَدَتَا كقوله تعالى: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ [سورة المؤمنون:91].

قوله: أَمِ اتّخَذُوَاْ آلِهَةً مّنَ الأرْضِ بعضهم يقول: إن "أم" هذه هي المنقطعة، وإن الهمز لإنكار الوقوع، أَمِ اتّخَذُوَاْ آلِهَةً مّنَ الأرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ أي: هذه الآلهة تبعث الخلق بعد فنائهم وموتهم، وتحييهم؟، ثم قال: لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا "إلا" هذه فسرها جماعة من أهل العلم بأنها بمعنى سوى، ويقولون: إنها ليست استثنائية، هذه ليس المقصود بها أنها ذات استثناء، وإنما هي بمعنى غير، لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ غير الله لفسدتا، وهذا الذي يسميه المتكلمون بدليل التمانع، ويقولون بأنه دليل التمانع في الربوبية، يقولون: لو كان لهذا الكون صانعان متكافئان في الصفات والأفعال، لفسدت السماوات والأرض، وشيخ الإسلام وكذلك ابن القيم ناقشهم في هذا، وأن هذا الدليل إنما هو تمانع في الإلهية؛ لأنه قال: لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ ما قال: أرباباً، قال: إن الأقرب أن يكون دليل التمانع في الربوبية هو قوله: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ.

ومما ذكره قال: إنه أولاً ذكر آلهة، والشيء الآخر: أنه قال: لَفَسَدَتَا، فهذا فساد بعد الوجود، فالربوبية تعني الخلق والإيجاد، بخلاف مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ فهذا الرب هو الخالق، ولَفَسَدَتَا هي موجودة، من الذي أوجدها؟ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا، فساد بعد الوجود، فقالوا: هذا تمانع في الإلهية، وليس في الربوبية.

وقال ههنا: فَسُبْحَانَ اللّهِ رَبّ الْعَرْشِ عَمّا يَصِفُونَ أي: عما يقولون أن له ولداً أو شريكاً - - وتقدس وتنزه عن الذي يفترون ويأفكون علواً كبيراً.