الجمعة 07 / ربيع الآخر / 1446 - 11 / أكتوبر 2024
وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِىٓ إِلَيْهِ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعْبُدُونِ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

أَمِ اتّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَن مّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ الْحَقّ فَهُمْ مّعْرِضُونَ ۝ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رّسُولٍ إِلاّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنّهُ لا إِلَهَ إِلاّ أَنَاْ فَاعْبُدُونِ [سورة الأنبياء:24-25].

يقول تعالى: أم اتّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً قُلْ يا محمد، هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ أي: دليلكم على ما تقولون هَذَا ذِكْرُ مَن مّعِيَ يعني: القرآن، وَذِكْرُ مَن قَبْلِي يعني: الكتب المتقدمة على خلاف ما تقولونه وتزعمون، فكل كتاب أنزل على كل نبي أرسل ناطق بأنه لا إله إلا الله، ولكن أنتم أيها المشركون لا تعلمون الحق فأنتم معرضون عنه، ولهذا قال: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رّسُولٍ إِلاّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنّهُ لا إِلَهَ إِلاّ أَنَاْ فَاعْبُدُونِ كما قال: وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ [سورة الزخرف:45]، وقال: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [سورة النحل:36]، فكل نبي بعثه الله يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له، والفطرة شاهدة بذلك أيضاً، والمشركون لا برهان لهم، وحجتهم داحضة عند ربهم، وعليهم غضب، ولهم عذاب شديد.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فقوله - تبارك وتعالى -: أم اتّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً هذا إضراب انتقالي، وقوله - تبارك وتعالى -: هَذَا ذِكْرُ مَن مّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي، المعنى الذي مشى عليه الحافظ ابن كثير - رحمه الله - أنه قال لهم: هذا القرآن وهذه الكتب التي كانت قبله هل يوجد فيها ما يدل على ما ذكرتم، فهي شاهدة بأنه لا إله إلا الله، وأن الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - إنما جاءوا بذلك ودعوا إليه، هَذَا ذِكْرُ مَن مّعِيَ يعني القرآن، وَذِكْرُ مَن قَبْلِي، وهذا كلام الحافظ ابن كثير - رحمه الله -، وقال به جماعة من السلف، وهو اختيار ابن جرير يقول: هَذَا ذِكْرُ مَن مّعِيَ أي: ما لهم من الثواب، ذِكْرُ مَن مّعِيَ يعني: خبر من معي بما أعد الله لهم من الثواب والجزاء، وَذِكْرُ مَن قَبْلِي يعني: ما فعل الله بهم، يعني الأمم السابقة، ما حصل لهم في الدنيا، وما ينتظرهم في الآخرة، بمعنى أن هذا القرآن مشتمل على ذكر هذا وهذا، على خبر من معه من هذه الأمة، ممن اتبعه، ما لهم من الثواب على إيمانهم به ﷺ، وطاعتهم إياه، هَذَا ذِكْرُ مَن مّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي، خبر من قبلي من الأمم، وما حل بهم، وما ينتظرهم أيضاً في الآخرة من الجزاء، فالقرآن متضمن لذلك جميعاً، فأين ما تزعمون وتقولون من وجود آلهة مع الله - تبارك وتعالى -؟.