الإثنين 21 / جمادى الآخرة / 1446 - 23 / ديسمبر 2024
وَمِنَ ٱلشَّيَٰطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُۥ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَٰلِكَ ۖ وَكُنَّا لَهُمْ حَٰفِظِينَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

وقوله: وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ [سورة الأنبياء:82] أي: في الماء يستخرجون اللآلئ والجواهر وغير ذلك، وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذَلِكَ أي: غير ذلك.

قوله: دُونَ ذَلِكَ يعني غير ذلك، مثل يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ [سورة سبأ:13].

كما قال تعالى: وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ ۝ وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ [سورة ص:37-38]، وقوله: وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ أي: يحرسه الله أن يناله أحد من الشياطين بسوء، بل كل في قبضته وتحت قهره، لا يتجاسر أحد منهم على الدنو إليه والقرب منه، بل هو يحكم فيهم إن شاء أطلق وإن شاء حبس منهم من يشاء، ولهذا قال: وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ.

هذا المعنى الذي ذكره الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في قوله: وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ يعني: من أن ينالوه بسوء، تحتمله الآية، وتحتمل أن يكون المراد بذلك أن الله قد حفظ أعمالهم وأعدادهم وكلما يتعلق بهم، ويحتمل أن يكون الله - تبارك وتعالى - أراد بذلك أنه قد حفظ هؤلاء فلا يخرجون عن أمره، ولا يتمردون عليه، ويحتمل أنهم لا يفسدون ما عملوا، وقد قيل: بأنهم كانوا يبنون له، بأن، بحيث أنهم لا يبنون له في النهار ثم يخبرون ما بنوا بالليل لو تركوا، وإنما الله - تبارك وتعالى - يمنعهم من هذا، فلا يفسدون ما عملوه، إلى غير ذلك من المعاني التي ذكرها أهل العلم، وابن جرير - رحمه الله - يقول: إن الله قد حفظ أعدادهم وأعمالهم وأحصاها، وكل هذه المعاني محتملة، - والله أعلم -.