السبت 16 / محرّم / 1447 - 12 / يوليو 2025
وَلَهُم مَّقَٰمِعُ مِنْ حَدِيدٍ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

قال ابن عباس في قوله: وَلَهُمْ مّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ قال: يضربون بها، فيقع كل عضو على حياله فيَدعُون بالثبور.

يدعون بالثبور: يقولون واثبوراه لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا [سورة الفرقان:14]، وقوله: وَلَهُمْ مّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ قطعة من الحديد مثل المحجن معكوفة الطرف تضرب بها رءوس أهل النار، والعياذ بالله.

وقوله: كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا [سورة الحـج:22].

قوله: مِنْ غَمٍّ يعني: بسبب غم أو لأجل الغم، أُعِيدُوا فِيهَا يضربون بهذه المقامع، يعني: لا يُتركون يحترقون في النار فقط، بل يضربون بالمقامع، ويسحبون على الوجوه في النار، وقد قال – تبارك وتعالى -: يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ [سورة القمر:48]، ويصب عليهم من الحميم، ويأكلون الزقوم، - نسأل الله العافية -، وأمور هائلة، لو كان يلقي في النار فقط لكان هذا كافياً.

وإذا تأملت لو انطفأت الكهرباء ساعة، وهم في حر لذابوا، وفي سنة من السنوات قبل خمسين سنة في الحج مات خلائق بسبب الشمس والحر، حتى إن بعض الناس صار يذهب يبحث عن مكان يجلس فيه يأتيه هواء، ويصعدون الجبال فلما نزلوا وجدوا الموتى أعداداً كبيرة جداً على قلة الناس في ذلك الوقت في الحج، فكيف لو احترقوا أو نحو ذلك، ولو نظرت إلى المستشفيات - نسأل الله العافية - ودخلت قسم الحريق فتجد شيئاً هائلاً، الأطباء يقولون: فعلت به النار هذا الفعل، ثوانٍ فقط، فكيف بنار جهنم، يبقى فيها لا يموت فيها ولا يحيا، نسأل الله العافية، أعاذنا الله وإياكم وجميع المسلمين.

قال الأعمش عن أبي ظبيان عن سلمان قال: النار سوداء مظلمة لا يضيء لهبها ولا جمرها، ثم قرأ: كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا [سورة الحـج:22].

وقوله: وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ كقوله: وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ [سورة السجدة:20] ومعنى الكلام أنهم يهانون بالعذاب قولاً وفعلاً.

يقال لهم: وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ وهذه الآية كقوله – تبارك وتعالى -: وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ. والله أعلم، وصلى الله على نبيه.