الأحد 18 / ذو الحجة / 1446 - 15 / يونيو 2025
أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِى ٱلسَّمَآءِ وَٱلْأَرْضِ ۗ إِنَّ ذَٰلِكَ فِى كِتَٰبٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [سورة الحج:70].

يخبر تعالى عن كمال علمه بخلقه، وأنه محيط بما في السموات وما في الأرض، فلا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، وأنه تعالى علم الكائنات كلها قبل وجودها، وكتب ذلك في كتابه اللوح المحفوظ، كما ثبت في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله ﷺ: إن الله قدّر مقادير الخلائق قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء[1].

وفي السنن من حديث جماعة من الصحابة، أن رسول الله ﷺ قال: أول ما خلق الله القلم، قال له: اكتب، قال: وما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن، فجرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة[2]. ولهذا قال تعالى: إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ.

قوله إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ "ذلك" الإشارة ترجع إلى شيء، يحتمل أن ترجع إلى ما قبلها مباشرة وهو الأقرب، فيكون المعنى أنّ جعْل ذلك في كتاب أو أن كتابة ذلك - يعني في اللوح المحفوظ - على كثرته يسير على الله - تبارك وتعالى -، وهذا هو المتبادر، وهو الذي اختاره كبير المفسرين ابن جرير - رحمه الله -، ويحتمل معنى آخر وهو أنه - تبارك وتعالى - قال: اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [سورة الحج:69] يعني أن الحكم بينكم يوم القيامة على كثرة الناس، وعلى كثرة اختلافهم وتفرق آرائهم ومذاهبهم وأديانهم واعتقاداتهم يسير على الله هكذا حمله بعض أهل العلم: إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [سورة الحج:70] يعني الحكم بين الخلائق، لكن الأقرب -والله تعالى أعلم- أن المراد به ما قبله وهو أن الله قد كتب ذلك جميعاً في كتاب، وهو اللوح المحفوظ.

  1. رواه مسلم، كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى - عليهما السلام -، برقم (2653).
  2. رواه أبو داود، كتاب السنة، باب في القدر، برقم: (4700)، والترمذي، كتاب القدر عن رسول الله ﷺ، باب 17، برقم (2155)، وأحمد في المسند، برقم: (22705)، وقال محققوه: حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (2017).