"وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ يعني: قوم لوط، وهي سدوم ومعاملتها التي أهلكها الله بالقلب، وبالمطر من الحجارة التي من سجيل كما قال تعالى: وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ [سورة الشعراء: 173]، وقال: وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ [سورة الصافات:137-138]، وقال تعالى: وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ [سورة الحجر:76]، وقال: وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ [سورة الحجر:79]؛ ولهذا قال: أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا أي: فيعتبروا بما حَلّ بأهلها من العذاب، والنكال؛ بسبب تكذيبهم بالرسول، ومخالفتهم أوامر الله.
بَلْ كَانُوا لا يَرْجُونَ نُشُورًا يعني: المارين بها من الكفار لا يعتبرون؛ لأنهم لا يرجون نشوراً، أي: معادًا يوم القيامة".
وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ يعني: أتوا على تلك الناحية التي كان بها قوم لوط أو قرى قوم لوط، فكانوا يأتون إليها في طريقهم من مكة إلى الشام فلا يتعظون، ولا يعتبرون، وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ قرية هنا أفردها الله - تبارك وتعالى - والمقصود بذلك القرى، فهذه سدوم هي القرية الأم أو العاصمة كما يقال، وليس المقصود بالقرية هو مجمع البنيان الصغير كما هو في عرفنا الآن، وإنما المقصود البلد أو المدينة أو نحو ذلك، يعني عواصم أهلكها الله - تبارك وتعالى -، وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ فسدوم كانت هي الأساس أو العاصمة ولها قرى، ولهذا تأتي بصيغة الجمع، كذلك: وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى [سورة النجم:53] يعني: منقلبة قلبها الله ، والمؤتفكات باعتبار القرى بمجموعها، قرى قوم لوط، فهم أكثر من قرية، أكثر من بلدة، أكثر من مدينة.