الجمعة 23 / ذو الحجة / 1446 - 20 / يونيو 2025
وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِۦٓ أَتَأْتُونَ ٱلْفَٰحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ۝ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ۝ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ۝ فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ ۝ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ [سورة النمل:54-58] يخبر تعالى عن عبده لوط أنه أنذر قومه نقمة الله بهم في فعلهم الفاحشة التي لم يسبقهم إليها أحد من بني آدم وهي إتيان الذكور دون الإناث، وذلك فاحشة عظيمة، استغنى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء فقال: أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ أي: يرى بعضكم بعضًا، وتأتون في ناديكم المنكر؟".

يعني هنا الفاحشة، ومعلوم أن الفاحشة هي الذنب العظيم، والمراد بها نوع خاص من الفاحشة - قبحهم الله - قال: أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ اختلف المفسرون في الإبصار هنا هل المقصود به الإبصار بالعين، أو المقصود به الإبصار بالقلب يعني العلم؟ وابن كثير - رحمه الله - فسرها بالإبصار بالعين وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ يعني أنهم يفعلون ذلك على مرأى من بعضهم، يعني يفعلون ذلك في مجالسهم، ونواديهم؛ لا يستترون به، وبعضهم كابن جرير يفسر ذلك ببصر القلب وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ يعني تعلمون قبحها، تعلمون أن هذا فعل قبيح، وشنيع، وسيئ، وأنه خلاف الفطرة، ولعل هذا هو الأقرب - والله أعلم - لظاهر القرآن أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ هو يخاطب الجميع، يقول: وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ هذا أقرب من القول بأن المقصود وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ أي يبصر بعضكم بعضاً وهو يواقع هذه الفاحشة، لكن الذين قالوا: إن المقصود الإبصار بالعين يحتجون بمثل هذا وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ [سورة العنكبوت:29] يقولون: يفعلون الفاحشة علانية في مجالسهم - نسأل الله العافية -، والذين لا يقولون بهذا فسروا وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ بتفسيرات، وغير ممتنع - والله تعالى أعلم - أن يدخل في إتيان الفاحشة علانية؛ لكن ليس ذلك يعني بالضرورة أن يكون المراد بقوله: وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ أي تبصرون ذلك حال المواقعة وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ أي: تعلمون قبحها، وقوله: وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ سواء قلنا: إنه فعل الفاحشة، أو ما ذكره بعض المفسرين وهو متلقى عن بني إسرائيل مما ذكروا من الأمور التي يقبح ذكرها، وروايتها، وتثقل على السمع من القبائح التي كانوا يفعلونها في مجالسهم، ولا يستحون، لا يستحي بعضهم من بعض، ليس عندهم شيء من المروءة وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ، بعضهم يفسر هذا بأمور قبيحة لا يحسن ذكرها، ويذكرون من جملة هذا التصفيق فهو من فعل السفهاء إلى غير ذلك مما يذكرونه، فالله - تبارك وتعالى - أطلقَ: وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ فيأتون في ناديهم المنكرات القولية، والفعلية.