الجمعة 23 / ذو الحجة / 1446 - 20 / يونيو 2025
فَأَنجَيْنَٰهُ وَأَهْلَهُۥٓ إِلَّا ٱمْرَأَتَهُۥ قَدَّرْنَٰهَا مِنَ ٱلْغَٰبِرِينَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"قال الله تعالى: فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ أي: من الهالكين مع قومها؛ لأنها كانت ردءًا لهم على دينهم، وعلى طريقتهم في رضاها بأفعالهم القبيحة، فكانت تدل قومها على ضيفان لوط ليأتوا إليهم، لا أنها كانت تفعل الفواحش؛ تكرمةً لنبي الله ﷺ لا كرامةً لها".

المقصود بقوله: فَخَانَتَاهُمَا [سورة التحريم:10] أنها لم تكن على دينه، كانت تدل على ضيفانه، وليس المقصود أنها تقارف الفاحشة؛ لأن ذلك يعود على النبي - عليه الصلاة والسلام - فيكون قدحاً في عرضه، ولا يمكن أن يقع ذلك لزوج نبي من الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -، وقوله - تبارك وتعالى -: فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ أنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين أي من الهالكين مع قومها الهالكين، وبعضهم كابن جرير يقول: من الباقين، فالغابر يقال: للذاهب الهالك، ويقال أيضا: للباقي، فهو من الأضداد، ويمكن أن يجمع بين هذين المعنيين، والقرآن يعبر به بالألفاظ القليلة الدالة على المعاني الكثيرة، فقد تكون هذه المعاني المجتمعة من قبيل المتضادة، وقد تكون من قبيل المتناقضة، وقد تكون من قبيل المتخالفة، ويمكن جمعها أحياناً فهنا مِنَ الْغَابِرِينَ من الذاهبين أو من الباقين؟ نقول هي من الذاهبين باعتبار أنها هلكت، وهي من الباقين باعتبار أنها بقيت في المحل في أرضهم، في دارهم؛ فأصابها ما أصابهم من العذاب، فذهبت أي هلكت، وبقيت أي لم تفارق قومها مع لوط - عليه الصلاة والسلام - فهذا كله صحيح.