قال: وقوله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ أي: إنما يُظهر لكم آياته لتستدلوا بها على أنه الحق، أي: الموجود الحق، الإله الحق، وأن كل ما سواه باطل، فإنه الغني عما سواه، وكل شيء فقير إليه.
هذا المعنى، لتعلموا بأن الله هو الحق، يعني هو الإله الحق، وأن ما يُدعى من دونه هو الباطل، فالذي يصرف هذه المخلوقات هذا التصريف ويدبرها وحده دونما سواه هو الذي يستحق العبادة وحده، وهذا كما هو معلوم من الاستدلال بالربوبية على الإلهية؛ لأنها تستلزمها، وإذا كان هو الخالق وحده والمتصرف وحده إلى آخره فينبغي أن تكون الألوهية والعبادة له وحده دونما سواه - -، فهذا هو المراد، وهو الذي ذكره ابن جرير - رحمه الله -، أن الله هو الإله الحق، هو المعبود الحق الذي يستحق العبادة وحده.
قال: أي: الموجود الحق، الإله الحق، وأن كل ما سواه باطل فإنه الغني عما سواه، وكل شيء فقير إليه؛ لأن كل ما في السماوات والأرض الجميع خلقه وعبيده، لا يقدر أحد منهم على تحريك ذَرّة إلا بإذنه، ولو اجتمع كل أهل الأرض على أن يخلقوا ذباباً لعجزوا عن ذلك؛ ولهذا قال تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ أي: العلي: الذي لا أعلى منه، الكبير: الذي هو أكبر من كل شيء، فكل شيء خاضع حقير بالنسبة إليه.