وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا، وقال طاوس: سادتنا: يعني الأشراف، وكبراءنا: يعني العلماء.
رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ أي: بكفرهم وإغوائهم إيانا.
وروى أبو القاسم الطبراني عن أبي رافع في تسمية مَنْ شهد مع عليٍّ ﷺ: الحجاج بن عمرو بن غَزيَّة، وهو الذي كان يقول عند اللقاء: يا معشر الأنصار، أتريدون أن تقولوا لربنا إذا لقيناه: رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا؟.
ويحتمل أن يكون قوله: أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا من الأوصاف لموصوف واحد، يعني أنهم أطاعوا المقدمين منهم من الكبراء والسادة والأشراف والعظماء والقادة، فإن أهل النار على صنفين: المتبوعين والأتباع، كما قال الله واصفاً حالهم بعد دخولهم فيها، وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُواْ مِنَّا [سورة البقرة:167]، بعد أن قال: إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ [سورة البقرة:166]، فهؤلاء الكبراء والعظماء والقادة هم الصنف الأول، والصنف الثاني من الأتباع، وبهذا يعرف بطلان قول من يقول: إن الأتباع لا شأن لهم، وإنهم مغرر بهم، وإنما الذين يعذبون ويؤاخذون هم القادة والعلماء من رءوس الضلال، وهذا غير صحيح، فهؤلاء يعذبون وهؤلاء يعذبون، وأهل النار من هؤلاء، وهؤلاء.