يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [سورة الأحزاب:70-71].
يقول تعالى آمراً عباده المؤمنين بتقواه، وأن يعبدوه عبادة مَنْ كأنه يراه، وأن يقولوا قَوْلا سَدِيدًا أي: مستقيماً لا اعوجاج فيه ولا انحراف، ووعدهم أنهم إذا فعلوا ذلك أثابهم عليه بأن يصلح لهم أعمالهم، أي: يوفقهم للأعمال الصالحة، وأن يغفر لهم الذنوب الماضية، وما قد يقع منهم في المستقبل يلهمهم التوبة منها.
ثم قال تعالى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا: وذلك أنه يجار من النار، ويصير إلى النعيم المقيم.
وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا ابن كثير يقول هنا: أي مستقيماً لا اعوجاج فيه ولا انحراف، بعضهم يقول: القول السديد وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا أي: لا إله إلا الله، فإذا قالوا ذلك أصلح الله لهم أعمالهم، وغفر لهم ذنوبهم، وبعضهم يقول: وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا أي: صدقاً، فالصدق تحصل به النجاة، وبعضهم يقول: وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا أي: صواباً، وهذه الأقوال متقاربة، فأصدق ما يقال هو كلمة التوحيد، وإذا حصل ذلك من الإنسان وآمن بالله ، أصلح الله حاله وعمله، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ، فـ لا إله إلا الله من القول السديد، والتزام الصدق من القول السديد، وكل ذلك حق، ولهذا فإن ابن كثير في الأصل حمله على جميع هذه المعاني، يقول: والكل حق، وكان اللائق أن ينقل مثل هذا في المختصر، لكن العبارة التي نقلت "مستقيماً لا اعوجاج فيه ولا انحراف" فيدخل فيه قول لا إله إلا الله والصدق والصواب، ولكن كثيراً من القراء قد لا يميز هذا، يعني: لا يدرك ما تحته، والله تعالى أعلم.