الأحد 18 / ذو الحجة / 1446 - 15 / يونيو 2025
إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا۟ دُعَآءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا۟ مَا ٱسْتَجَابُوا۟ لَكُمْ ۖ وَيَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

ثم قال: إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ يعني: الآلهة التي تدعونها من دون الله لا يسمعون دعاءكم؛ لأنها جماد لا أرواح فيها وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ أي: لا يقدرون على ما تطلبون منها، وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ، أي: يتبرءون منكم، كما قال تعالى: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ ۝ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ  [الأحقاف:5-6].

وقال: وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا ۝ كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا [مريم:81-82].

وقوله: وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ أي: ولا يخبرك بعواقب الأمور ومآلها وما تصير إليه مثل خبير بها.

قال قتادة: يعني نفسه - تبارك وتعالى -، فإنه أخبر بالواقع لا محالة.

في قوله -تبارك وتعالى-: لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ [فاطر:14] ابن كثير - رحمه الله - يقول: لو سمعوا فإنهم لا يقدرون على شيء مما تطلبون منها، فهؤلاء أعجز من أن يحققوا لهم ذلك، يطلبون منه الشفاء، يطلبون منه التوفيق، يطلب منه المنزلة في الآخرة والنجاة، فهؤلاء لا يملكون شيئاً من هذا، وبعضهم يقول: لو جعلنا لهم سمعاً وأبصاراً فسمعوكم لكانوا أطوع لله منكم، ولم يستجيبوا لكم بما تدعونهم إليه من الكفر، ولن يوافقوكم على هذا الذي تدعونهم، ولكن هذا فيه بُعد، وابن جرير - رحمه الله – يقول: وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ يعني: لو أُعطيت هذه الأصنام لما استجابت دعاء الداعين؛ لأنها غير ناطقة، يقول: ما كل سامع يستجيب وينطق، فالبهائم لها سمع ولكن إذا دعاها الداعي، واستغاث بها المستغيث، واستنصر بها أحد، هل يمكن أن ينتفع بشيء منها؟ الجواب لا، فهي ليست أهلاً بذلك أصلاً، على كل حال ما ذكره الحافظ ابن كثير - رحمه الله - هو المتبادر، والله تعالى أعلم.