الأحد 11 / ذو الحجة / 1446 - 08 / يونيو 2025
قِيلَ ٱدْخُلِ ٱلْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَٰلَيْتَ قَوْمِى يَعْلَمُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ۝ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ۝ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ ۝ إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ [يس:26-29].

قال محمد بن إسحاق عن بعض أصحابه عن ابن مسعود: إنهم وطِئوه بأرجلهم حتى خرج قصبه من دبره، وقال الله له: ادْخُلِ الْجَنَّةَ فدخلها فهو يرزق منها، قد أذهب الله عنه سقم الدنيا، وحزنها، ونصبها.

وقال مجاهد: قيل لحبيب النجار: ادخل الجنة، وذلك أنه قُتل فوجبت له، فلما رأى الثواب قال يا ليت قومي يعلمون.

قال قتادة: لا تلقى المؤمن إلا ناصحاً، لا تلقاه غاشاً؛ لمّا عاين ما عاين من كرامة الله قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ۝ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ تمنى على الله أن يعلم قومه ما عاين من كرامة الله له، وما هَجَمَ عليه.

وقال ابن عباس: نصح قومه في حياته بقوله: يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ، وبعد مماته في قوله: يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ۝ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ رواه ابن أبي حاتم.

وقال سفيان الثوري عن عاصم الأحول عن أبي مجلز: بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ "بإيماني بربي، وتصديقي المرسلين"، ومقصوده أنهم لو اطلعوا على ما حصل لي من هذا الثواب، والجزاء، والنعيم المقيم؛ لقادهم ذلك إلى اتباع الرسل، فرحمه الله، ورضي عنه، فلقد كان حريصاً على هداية قومه.

قال ابن أبي حاتم عن عبد الملك - يعني ابن عمير - قال: قال عروة بن مسعود الثقفي للنبي ﷺ: "ابعثني إلى قومي أدعُهم إلى الإسلام"، فقال رسول الله ﷺ: إني أخاف أن يقتلوك فقال: لو وجدوني نائماً ما أيقظوني، فقال له رسول الله ﷺ: انطلق، فانطلق فمر على اللات والعزى، فقال: لأصبحنك غداً بما يسوءك، فغضبت ثقيف، فقال: يا معشر ثقيف! إن اللات لا لات، وإن العزى لا عزى، أسلموا تسلموا، يا معشر الأحلاف! إن العزى لا عزى، وإن اللات لا لات، أسلموا تسلموا، قال ذلك ثلاث مرات، فرماه رجل فأصاب أكحله فقتله، فبلغ رسول الله ﷺ فقال: "هذا مثله كمثل صاحب يس قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ۝ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ".

ما ذكره عاصم الأحول قال: "بإيماني بربي، وتصديقي المرسلين"، ومقصوده أنهم لو اطلعوا على ما حصل لي من هذا الثواب، والجزاء، والنعيم المقيم؛ لقادهم ذلك إلى اتباع الرسل، وهذا الذي قاله ابن جرير أيضاً في معنى الآية، وحديث عروة بن مسعود من قبيل المرسل، لكن قد يكون له طريق آخر فيراجع، وإن صح فيدل على أنه قُتل مع أن ظاهر الآية أنهم قتلوه.