الأحد 03 / محرّم / 1447 - 29 / يونيو 2025
فَسُبْحَٰنَ ٱلَّذِى بِيَدِهِۦ مَلَكُوتُ كُلِّ شَىْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"وقوله: فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ أي: تنزيه، وتقديس، وتبرئة من السوء للحي القيوم، الذي بيده مقاليد السماوات، والأرض، وإليه يرجع الأمر كله، وله الخلق والأمر، وإليه ترجع العباد يوم القيامة، فيجازي كل عامل بعمله، وهو العادل، المتفضل.

ومعنى قوله: فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ كقوله : قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ [سورة المؤمنون:88]، وكقوله تعالى: تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ [سورة الملك:1] فالملك والملكوت واحد في المعنى كرحمة ورَحَمُوت، ورَهْبَة ورَهَبُوت، وجَبْر وجَبَرُوت، ومن الناس من زعم أن المُلْك هو عالَم الأجساد، والملكوت هو عالَم الأرواح، والأول هو الصحيح، وهو الذي عليه الجمهور من المفسرين وغيرهم".

يعني أنه لفظ مبالغة في المُلك، ملك ملكوت، رحمة رحموت، جبر جبروت وهكذا.

معروف أن زيادة المبنى لزيادة المعنى، فالملكوت أبلغ من الملك، والرحموت أبلغ من الرحمة وهكذا، ولهذا قالوا أيضاً فيما عدل به من الصيغ: الرحمن أبلغ من الرحيم؛ لأن رحم يقال: رحم رحمة، فهو راحم ورحيم، فلما عدل به عن نظائره تقول: كرم فهو كريم، عظم فهو عظيم، فهنا رحم فهو رحمن، فلما عدل به عن نظائره كما يقول ابن جرير - رحمه الله - كان ذلك أبلغ، فالرحمن أبلغ من الرحيم.

"روى الإمام أحمد عن حذيفة - وهو ابن اليمان - قال: قمت مع رسول الله ﷺ ذات ليلة، فقرأ السبع الطُّوَال في سبع ركعات، وكان إذا رفع رأسه من الركوع قال: سمع الله لمن حمده، ثم قال: الحمد لله ذي الملكوت، والجبروت، والكبرياء، والعظمة، وكان ركوعه مثل قيامه، وسجوده مثل ركوعه، فأنصرف وقد كادت تنكسر رجلاي[1].

ثبت عن حذيفة أنه صلى مع النبي ﷺ كما هو معلوم، لكن بهذا السياق الحديث فيه ضعف، والجملة الأخيرة أنه في ركوعه، وسجوده ﷺ كان يقول: سبحان ذي الجبروت، والملكوت، والكبرياء، والعظمة، هذا جاء أيضاً من غير حديث حذيفة ، حديث عوف بن مالك الأشجعي ثابت صحيح، وهنا الحديث بهذا السياق فيه ضعف، وهذا يحتج به من يقول بأن ترتيب السور توقيفي، ويحتج بنظائره يعني هنا يقول: قرأ السبع الطوال، السبع الطوال معروفة، ومعنى ذلك أن السبع الطوال كانت مرتبة بهذا الترتيب في عهد النبي ﷺ، ومعلوم أن النبي ﷺ قرأ البقرة، والنساء، وآل عمران في ركعة فلم يكن بهذا الترتيب، لكن هذا الحديث لا يخلو من ضعف، أي الذي أورده الحافظ ابن كثير حديث حذيفة في هذا السياق.

"وروى أبو داود عن عوف بن مالك الأشجعي قال: قمتُ مع رسول الله ﷺ ليلة فقام فقرأ سورة البقرة، لا يمر بآية رحمة إلا وقف فسأل، ولا يمر بآية عذاب إلا وقف فتعوّذ، قال: ثم ركع بقدر قيامه، يقول في ركوعه: سبحان ذي الجبروت، والملكوت، والكبرياء، والعظمة، ثم سجد بقدر قيامه، ثم قال في سجوده مثل ذلك، ثم قام فقرأ بآل عمران، ثم قرأ سورة سورة[2]، ورواه الترمذي في الشمائل، والنسائي.
  1. رواه الإمام أحمد في المسند، برقم (23300)، وقال محققوه: "إسناده ضعيف لجهالة ابن عم حذيفة".
  2. رواه أبو داود، كتاب الصلاة، باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده، برقم (873)، والنسائي، كتاب التطبيق، باب الدعاء في السجود، برقم (1132)، وأحمد في المسند، برقم (23980)، وقال محققوه: "إسناده قوي"، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، برقم (817).