الأربعاء 21 / ذو الحجة / 1446 - 18 / يونيو 2025
ٱللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ ءَابَآئِكُمُ ٱلْأَوَّلِينَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"أَتَدْعُونَ بَعْلا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ قال ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وقتادة، والسدي: "بَعْلاً يعني: ربا"، قال قتادة وعكرمة: وهي لغة أهل اليمن، وفي رواية عن قتادة قال: "هي لغة أزد شنوءة"، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه: "هو اسم صنم كان يعبده أهل مدينة يقال لها: "بعلبك" غربي دمشق"، وقال الضحاك: "هو صنم كانوا يعبدونه"".

قوله: أَتَدْعُونَ بَعْلا بعضهم يقول: إن هذا صنم، وبعضهم يقول: امرأة، وبعضهم يقول غير ذلك، والقول بأنه صنم أو أنه بمعنى الرب كما في لغة أهل اليمن بينهما ملازمة كما قال النحاس: فإن هذا المعبود من دون الله - تبارك وتعالى - جعلوه رباً، فهذا الصنم الذي عبدوه أَتَدْعُونَ بَعْلا جعلوه رباً، فصرفوا له العبادة فمن قال: إنه الرب، ومن قال: إنه صنم فإن بين القولين ملازمة، وابن جرير - رحمه الله - ذكر أن العرب تقول للرب: بعلاً، تسميه بعلاً، ومن هنا يقولون للزوج: بعل، هذا بعل المرأة يعني أنه سيدها، وربها، الرب بمعنى السيد، عرفنا في الأسماء الحسنى أن الرب يأتي لمعانٍ منها السيد، وهكذا يقولون: بعل الدار يعني رب الدار، ولا زال الناس إلى اليوم يقولون للزرع الذي يستقل بالمطر من غير سقي: بعل، كما في الشام، ونجد، فيزرعون القمح مثلاً على المطر في الأماكن التي - في وقت نزول المطر - يتوقعون فيها نزول الأمطار، فيزرعون القمح، فيخرج من غير سقي، وإنما يكون ذلك على المطر فيقولون له: بعل، يقصدون العَثْرِيّ من الزرع.

"وقوله: أَتَدْعُونَ بَعْلا أي: أتعبدون صنماً؟ وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ ۝ اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الأوَّلِينَ أي: هو المستحق للعبادة وحده لا شريك له.

قال الله تعالى: فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ أي للعذاب يوم الحساب".

قوله: وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ اللَّهَ رَبَّكُمْ القراءة بنصب لفظ الجلالة على أنه بدل أو عطف بيان اللهَ، أو أنه نصب على المدح، وفي القراءة الأخرى المتواترة وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو ونافع وعاصم بالرفع اللهُ فيكون مبتدأ أو خبراً لمبتدأ مرفوع مقدر محذوف أي هو الله.