"سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [سورة الصافات:180-182].
ينزه تعالى نفسه الكريمة، ويقدسها، ويبرئها عما يقوله الظالمون، المكذبون، المعتدون - تعالى، وتنزه، وتقدس عن قولهم علواً كبيراً -، ولهذا قال: سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ أي: ذي العزة التي لا ترام، عَمَّا يَصِفُونَ أي: عن قول هؤلاء المعتدين المفترين".
رب العزة أي صاحب العزة، والعزة ليست مخلوقة، وإنما هي صفة من صفاته.
"وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ أي: سلام الله عليهم في الدنيا، والآخرة؛ لسلامة ما قالوه في ربهم، وصحته، وحَقِّيته.
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ أي: له الحمد في الأولى، والآخرة في كل حال، ولما كان التسبيح يتضمن التنزيه من النقص بدلالة المطابقة، ويستلزم إثبات الكمال، كما أن الحمد يدل على إثبات صفات الكمال مطابقة، ويستلزم التنزيه من النقص؛ قرن بينهما في هذا الموضع، وفي مواضع كثيرة من القرآن؛ ولهذا قال: سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وقال سعيد بن أبي عَرُوبة عن قتادة قال: قال رسول الله ﷺ: إذا سلمتم عليَّ فسلموا على المرسلين، فأنا رسول من المرسلين[1]، هكذا رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم".
قتادة عن النبي ﷺ هذا مرسل.
هذا روي مرفوعاً، وموقوفاً، ولكنه لم يصح، وكفارة المجلس تعرفون ما صح فيها.
"وقد وردت أحاديث في كفارة المجلس: "سبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك" وقد أفردت لها جزءًا على حدة، فلتكتب هاهنا - إن شاء الله تعالى -.
آخر تفسير سورة الصافات".
قوله - تبارك وتعالى -: وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ السلام هنا يحتمل أن يكون بمعنى التحية، الله يسلم عليهم، وهذا قال به جماعة من المفسرين، ويحتمل أن يكون ذلك بمعنى السلامة لهم من الآفات، والمكاره، ومما يكون أيضاً من فزع يوم القيامة، سلامة لهم من المخاوف، والمكاره، وقد ذكر الله ما وقع للكافرين، والمكذبين، وما توعدهم به فيكون هنا قد أمّن الرسل - عليهم الصلاة والسلام - وسلمهم من المخاوف، والمكاره في الدنيا، والآخرة، وهذا الذي اختاره ابن جرير - رحمه الله - وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ولو نظرتم في كلام الحافظ ابن القيم - رحمه الله - فيما يتعلق بالسلام عليكم - التحية - هل هي خبر أو دعاء، حينما نلقي عليهم هذا الاسم: اسم الله ، ومضمون كلامه في النهاية يرجع إلى أن ذلك يراد به هذا وهذا، فهو إخبار وهو في الوقت نفسه يتضمن دعاءً لهم بالسلامة.
- رواه ابن جرير في تفسيره (21/134)، وابن أبي حاتم في تفسيره (10/3234)، برقم (18323).