قوله - تبارك وتعالى - هنا: أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ بعضهم يقول: أي في طيبه، وحسنه وما إلى ذلك، ولكن ما جاء بعده يمكن أن يكون تفسيراً له كما هو الظاهر أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ وهذا الرزق المعلوم هو فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ، وهذا الذي اختاره أبو جعفر بن جرير - رحمه الله - أن ما بعده هو المقصود بهذا الرزق المعلوم، وبعضهم يقول: "معلوم الوقت، وهذا لا حاجة إليه"، قال قتادة والسدي: "يعني الجنة"، ثم فسره بقوله: فَوَاكِهُ أي: متنوعة، قول من قال: إنه الجنة، أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ لا ينافي ما ذكر من التفاصيل فإن ذلك كله من نعيم الجنة، قال: فَوَاكِهُ أي فواكه متنوعة، وخصت الفواكه في قوله: فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ مع أن نعم الجنة كثيرة بعضهم يقول: إنها خصت لأنها من أطيب ما يلتذ به الإنسان من المطعومات، وبعضهم يقول: لأن ما بعدها هو تبع لها، يعني أنها من المكمَّلات، وما يحصل بعد ذلك أو قبله فهي من التوابع، والمكمِّلات، فإذا كانت هذه التوابع، والمكمِّلات؛ فما بال المطعومات الأخرى التي تكون قبلها، وبعدها؟!، وبعضهم يقول: طعام أهل الجنة فَوَاكِهُ ولذلك قال هنا: فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ وهذا فيه نظر، وذَكر نوعاً من ألوان المطعومات في الجنة، ولا شك أنه من أحسنها وأعظمها لذة كما هو الحال في الدنيا؛ فإن ذلك يكون زيادة على المطعومات الأساسية، يعني تقول: فلان يتفكه، فالتفكه إنما يكون فيما زاد على ما كان أصلياً من المطعومات، فهؤلاء يتفكهون بهذه الفواكه، ويتمتعون، ويلتذون بها؛ فذكر مثل هذه الأشياء التي يحصل بها التنعم، والالتذاذ، وهو زائد على ما يكون أساسياً في المطعومات - والله تعالى أعلم -، قال هنا: فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ أي يُخدمون، ويرفهون، وينعمون فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ قال مجاهد: لا ينظر بعضهم إلى قفا بعض، وبعضهم يقول: تدور بهم هذه السرر حيث شاءوا، فلا يحتاج الواحد منهم إلى أن يستدير بظهره إلى ناحية أخرى فهم متقابلون، ولا شك أن التقابل في المجالس مما يحصل به التنعم، ويكون ذلك من طيب هذه المجالس، ومن دواعي الاسترواح فيها أن الناس يتقابلون، يتقابلون فيها.