هذا يحتمل أن يكون من كلام الله، وأن يكون من بقية كلام أهل الإيمان، وبعضهم يقول: هذا من كلام الملائكة، ولا دليل على هذا - والله تعالى أعلم -، لكن باعتبار أنه ليس من كلامهم أي ليس من كلام أهل الإيمان، وأنه من كلام الله، أو من كلام الملائكة؛ يكون هذا من قبيل الموصول لفظاً المفصول معنى.
"وقد ذكروا قصة رجلين كانا شريكين في بني إسرائيل تدخل في ضمن عموم هذه الآية الكريمة.
روى ابن جرير عن فرات بن ثعلبة البهراني في قوله: إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ قال: إن رجلين كانا شريكين، فاجتمع لهما ثمانية آلاف دينار، وكان أحدهما له حرفة، والآخر ليس له حرفة، فقال الذي له حرفة للآخر: ليس عندك حرفة، ما أراني إلا مفارقك، ومقاسمك، فقاسمه، وفارقه، ثم إن الرجل اشترى دارًا بألف دينار كانت لملك مات، فدعا صاحبه فأراه فقال: كيف ترى هذه الدار ابتعتها بألف دينار؟، قال: ما أحسنها! فلما خرج قال: اللهم إن صاحبي ابتاع هذه الدار بألف دينار، وإني أسألك داراً من دور الجنة، فتصدق بألف دينار، ثم مكث ما شاء الله أن يمكث، ثم إنه تزوج بامرأة بألف دينار، فدعاه، وصنع له طعاما، فلما أتاه قال: إني تزوجت امرأة بألف دينار، قال: ما أحسن هذا! فلما انصرف قال: يا رب! إن صاحبي تزوج امرأة بألف دينار، وإني أسألك امرأة من الحور العين، فتصدق بألف دينار، ثم إنه مكث ما شاء الله أن يمكث، ثم اشترى بستانين بألفي دينار، ثم دعاه فأراه فقال: إني ابتعت هذين البستانين، فقال: ما أحسن هذا! فلما خرج قال: يا رب! إن صاحبي قد اشترى بستانين بألفي دينار، وأنا أسألك بستانين في الجنة، فتصدق بألفي دينار، ثم إن الملَك أتاهما، فتوفاهما، ثم انطلق بهذا المتصدق فأدخله داراً تعجبه، وإذا امرأة تطلع يضيء ما تحتها من حسنها، ثم أدخله بستانين وشيئاً الله به عليم، فقال عند ذلك: ما أشبه هذا برجل كان من أمره كذا وكذا، قال: فإنه ذاك، ولك هذا المنزل، والبستانان، والمرأة، قال: فإنه كان لي صاحب يقول: أئنك لمن المصدقين؟ قيل له: فإنه في الجحيم، قال: هل أنتم مطلعون؟ فاطلع فرآه في سواء الجحيم، فقال عند ذلك: تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ الآيات".
هذا من الأخبار الإسرائيلية، وفيه عبرة، وهو داخل ضمن قول النبي ﷺ: حدثوا عن بني إسرائيل، ولا حرج[1]، ومثل هذا ليس فيه ما يخالف ما ورد في شرعنا.
- رواه البخاري، كتاب الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل، برقم (3274).