يعني هذا قول أهل النار، هذا هو الظاهر، وهذا الذي عليه عامة المفسرين، وهو قول الجمهور أن هذا قول أهل النار يعني الدفعة التي دخلت، الأولى مثلاً وهم الكبراء، والرؤساء؛ الذين أخبر الله عن قيلهم، وجدالهم في النار وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ [سورة غافر:47] يتخاصمون فيها، فالضعفاء يدعون ويطلبون الله - تبارك وتعالى - أن يضاعف للكبراء، والمضلين، والسادة الذين أضلوهم أن يضاعف لهم العذاب، وأولئك يتبرؤون منهم، ويقولون: أنتم تستحقون هذا، وأنتم قدمتموه لأنفسكم، وأنتم الذين عملتم، وأنتم، وهم لا يغني عنهم شيئاً كون هؤلاء يضاعف عليهم العذاب أو لا يضاعف، وماذا يستفيدون إذا كان هؤلاء يضاعف لهم العذاب، فهم في عذاب، وكل واحد يشعر أنه لا يعذب أحد كعذابه وقال الله : لِكُلٍّ ضِعْفٌ [سورة الأعراف:38] فهذا قول الأولين الكبراء، والقادة، هذا قول الجمهور، وبعضهم يقول: إن هذا القول المشار إليه في هذه الآية: لَا مَرْحَبًا بِهِمْ يعني الذين يقولون: هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ من الذي يقول مثل هذا الكلام؟، يقول: هذا إخبار من الله - تعالى - عن قيل أهل النار بعضهم لبعض، عندنا هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ يحتمل أن يكون من قول أهل النار، يقول بعضهم لبعض: هذا فوج جديد جاء للنار؛ لأنهم يقْدمون أفواجاً، ويحتمل أن يكون القائل بذلك هم خزنة النار، كلما جاءوا بدفعة قالوا: هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ فيجيبون لَا مَرْحَبًا بِهِمْ.
يعني وكما سبق أن كثيراً من المفسرين يقولون: إن الذين يقولون: بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَبًا بِكُمْ هم الأتباع، وأن الأولين هم الرؤساء، هذا فوج مقتحم معكم، لا مرحباً بهم، لا يرحبون بالأتباع، والأتباع - نسأل الله العافية - أيضاً يقولون لهم: بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَبًا بِكُمْ فهم يحصل بينهم هذه الوقيعة، والشتم، والتبرؤ في النار، فما ينفعونهم حينما كانوا يطيعونهم في الدنيا، ويستجيبون لهم، ويسارعون في تحقيق مطلوباتهم.
أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا يعني: من دعوتكم، وإضلالكم، دعوتكم لنا إلى الكفر، والضلال، أنتم أضللتمونا كما يقول ابن جرير - رحمه الله -، أنتم قدمتموه لنا بالإضلال.
يعني الذي يقول هذا: قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا هم الأتباع؛ لأن الرؤساء، والقادة لا يدعون على أنفسهم، فهم الذين أضلوا هؤلاء، فالأتباع يقولون: مَن قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ.