السبت 28 / صفر / 1447 - 23 / أغسطس 2025
هُوَ ٱلْحَىُّ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَٱدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ ۗ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

ثم قال تعالى: هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أي: هو الحي أزلًا وأبداً لم يزل ولا يزال، وهو الأول والآخر والظاهر والباطن، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أي: لا نظير له ولا عديل فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ أي: موحدين مقرين بأنه لا إله إلا هو، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.  

روى الإمام أحمد عن أبي الزبير قال: كان عبد الله بن الزبير يقول في دبر كل صلاة حين يسلم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، قال: وكان رسول الله ﷺ يُهلّ بهن دبر كل صلاة[1]، رواه مسلم وأبو داود والنسائي.

قوله - تبارك وتعالى -: هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، بعض أهل العلم قال: إن هذا تعليم من الله - تبارك وتعالى - لعباده ليقولوه، يعني إذا قالوا: لا إله إلا الله يقولون: الحمد لله رب العالمين، هكذا فهم منها بعض السلف، ولكن هذا قد لا يكون مرادًا من الآية أن المقصود أن القائل الذي يقول: لا إله إلا الله أنه يتبع ذلك بقوله: الحمد لله رب العالمين، ولكن الله - تبارك وتعالى - أثنى على نفسه، حمد نفسه - تبارك وتعالى - ووصفها بأوصاف الكمال بوحدانيته، وكماله المقدس من كل وجه؛ ولهذا فإن الله - تبارك وتعالى - يحمد نفسه في كتابه إما ابتداءً: الحمد لله رب العالمين، وإضافة المحامد كما في سورة الفاتحة، باعتبار أن "ال" للجنس، كل المحامد مضافة إلى الله فهذا يقتضي أنه الواحد الأحد الذي اتصف بجميع صفات الكمال وهو الذي ينبغي أن يعبد وحده لا شريك له، وإما أن يكون ذلك تعقيبًا بقطع دابر الكافرين، فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [سورة الأنعام:45]، وتارة يكون ذلك بعد بيان دلائل القدرة وإقامة الحجة على الكافرين ونحو ذلك.

  1. رواه أحمد في المسند، برقم (16105)، وقال محققوه: "إسناده صحيح على شرط مسلم"، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (594).