السبت 28 / صفر / 1447 - 23 / أغسطس 2025
هُوَ ٱلَّذِى خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوٓا۟ أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا۟ شُيُوخًا ۚ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ ۖ وَلِتَبْلُغُوٓا۟ أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ۝ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ۝ هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ [سورة غافر:66-68].

يقول - تبارك وتعالى -: قل يا محمد لهؤلاء المشركين إن الله ينهى أن يُعبد أحد سواه من الأصنام والأنداد والأوثان، وقد بين - تبارك وتعالى - أنه لا يستحق العبادة أحد سواه في قوله - جلت عظمته -: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا أي: هو الذي يقلبكم في هذه الأطوار كلها وحده لا شريك له، وعن أمره وتدبيره وتقديره يكون ذلك، وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبْلُ أي من قبل أن يوجد ويخرج إلى هذا العالم بل تسقطه أمه سقطًا، ومنهم من يتوفى صغيرًا وشابًا وكهلًا قبل الشيخوخة كقوله تعالى: لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى [سورة الحج:5]، وقال هاهنا: وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ، قال ابن جرير: تتذكرون البعث، ثم قال تعالى: هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ أي: هو المتفرد بذلك لا يقدر على ذلك أحد سواه.

قوله - تبارك وتعالى -: وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُّسَمًّى بعضهم يقول: الأجل المسمى هو الموت الذي كتبه الله وجعل له أجلًا محددًا لا يتجاوزه الإنسان ولا يتقدم عنه، وبعضهم يقول: إنه يوم القيامة، الإنسان يمر بهذه الأطوار، يكون في حال العدم ثم بعد ذلك يكون بأطوار شتى في بطن أمه، ثم يخرج إلى هذه الحياة الدنيا ويمر بأطوار ثم بعد ذلك ينتقل إلى عالم البرزخ، ثم بعد ذلك ينتقل إلى الطور الأعظم والأكبر الأبدي السرمدي وهو يوم القيامة، فهذه الأطوار جميعًا هي مراحل يقطعها، فكما كان في بطن أمه لابدّ من وجود أطوار أخرى لجنس الإنسان؛ وذلك أن يخرج مَن شاء الله خروجه من بطن أمه ثم يعيش ما شاء الله له أن يعيش في هذه الحياة، ثم لابدّ من طور آخر، ثم الطور النهائي وهو يوم القيامة ودخول الجنة أو النار، وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ لعلكم تعقلون توحيد الله - تبارك وتعالى - وقدرته البالغة في خلقكم في هذه الأطوار، تعقلون أن الله - تبارك وتعالى - ما خلقكم عبثًا ولن يترككم هملًا، بل لابدّ لكم من أن تصيروا إليه - تبارك وتعالى - فيجازيكم على أعمالكم، وأن هذا الذي فعل بكم ذلك جميعًا وقد أخرجكم من العدم، وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا [سورة نوح:14] قادر على إعادتكم مرة أخرى، فهذا من أدل الأدلة على البعث، هذا الذي خلق وأنتم تقرون أنه الله - تبارك وتعالى - فكيف تنكرون الإعادة ثانية وقد أوجدكم من لا شيء؟!.

فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ [سورة غافر:68] أي: لا يخالَف ولا يمانَع، بل ما شاء كان لا محالة.