الإثنين 29 / شوّال / 1446 - 28 / أبريل 2025
فَٱعْلَمْ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ وَٱسْتَغْفِرْ لِذَنۢبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَٰتِ ۗ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَىٰكُمْ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

وقوله : فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ هذا إخبار بأنه "لا إله إلا الله"، ولا يتأتى كونه آمرًا بعلم ذلك، ولهذا عطف عليه قوله : وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ [محمد:19].

وفي الصحيح: أن رسول الله ﷺ كان يقول: اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي[1].

وفي الصحيح أنه كان يقول في آخر الصلاة: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت إلهي لا إله إلا أنت[2].

وفي الصحيح أنه قال: يا أيها الناس: توبوا إلى ربكم، فإني أستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة[3].

وقوله - تبارك وتعالى -: وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ أي: يعلم تصرفكم في نهاركم ومستقركم في ليلكم، كقولِه - تبارك وتعالى -: وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ [الأنعام:60].

وقولِه - -: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [هود:6].

قوله - تبارك وتعالى -: وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ الحافظ ابن كثير هنا فسره بقوله: يعلم تصرفكم في نهاركم ومستقركم، في ليلكم، وذكر الشواهد في ذلك.

وهذا القول هو الذي يدل عليه ظاهر السياق - والله تعالى أعلم -، وهو الذي اختاره ابن جرير - رحمه الله.

وبعضهم يقول: يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ أي: في أعمالكم.

وهذا لا ينافي ما ذكر.

وبعضهم يقول: يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ متقلبكم في الأصلاب، ومثواكم في الأرحام.

وتخصيص المعنى بهذا لا دليل عليه.

وهكذا قول من قال: إن ذلك في الآخرة، أو يعلم متقلبكم في الأصلاب والأرحام، ومثواكم في الأرض، أو يعلم متقلبكم يعني أعمالكم، ومثواكم في الآخرة.

لكن الأقرب - والله أعلم - هو ما ذكره ابن كثير، واختاره ابن جرير: تصرفكم في نهاركم، ومستقركم في ليلكم.

  1. رواه البخاري، كتاب الدعوات، باب قول النبي ﷺ: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت رقم (6399)، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل، رقم (2719).
  2. رواه البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله - تعالى -: يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ [الفتح: 15]، رقم (7499)، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، رقم (769).
  3. رواه البخاري، كتاب الدعوات، باب استغفار النبي ﷺ في اليوم والليلة، رقم (6307) من حديث أبي هريرة، بلفظ: والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة.