الثلاثاء 17 / صفر / 1447 - 12 / أغسطس 2025
وَفِى ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا۟ حَتَّىٰ حِينٍ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ[سورة الذاريات:43].

هذا الحين بينه الله في الآية الأخرى بقوله:تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ[سورة هود:65].

كقوله تعالى:وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ[سورة فصلت:17].

وهكذا قال هاهنا:وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ ۝ فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ[سورة الذاريات:43-44]، وذلك أنهم انتظروا العذاب ثلاثة أيام وجاءهم في صبيحة اليوم الرابع بُكْرَة النهار.

فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ، وفي قراءة أخرى متواترة وهي قراءة الكسائي الصعقة وهما بمعنى واحد، والصاعقة يفسرها كثير من العلماء بالعذاب المهلك المميت، ويقولون: معناها الأخص: نار من السماء محرقة، وهذا لا يتنافى مع تفسير المعاصرين لها بأنها شحنة كهربائية عاتية تحرق ما وقعت عليه، فالعلماء فسروها بأثرها  -نار من السماء محرقة-، وهؤلاء ذكروا حقيقتها.

فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ[سورة الذاريات:44]، قول ابن كثير -رحمه الله- هنا: وذلك أنهم انتظروا العذاب ثلاثة أيام وجاءهم في صبيحة اليوم الرابع،وَهُمْ يَنظُرُونَ ابن كثير -رحمه الله- فسر  يَنظُرُونَ بالانتظار، يعني وهم ينتظرون العذاب؛ لأنهم وُعدوا به تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ [سورة هود:65] فجلسوا ينتظرون فجاءهم العذاب في وقت الإنظار، وهذا معنى يحتمله قوله:وَهُمْ يَنظُرُونَ ، وهذا المعنى الذي ذكره ابن كثير قال به أيضاً جماعة، ومنهم أيضاً ابن جرير -رحمه الله-، ومن أهل العلم من قال:وَهُمْ يَنظُرُونَ أي: من النظر، أخذتهم وهم ينظرون، لكن لربما يكون الذي حمل مثل ابن جرير -رحمه الله- والحافظ ابن كثير على القول بأنه بمعنى الانتظار وَهُمْ يَنظُرُونَ أنهم إذا أخذتهم الصاعقة فإنها تأخذهم جميعاً، وليس هناك مجال للنظر، بخلاف قوله تعالى مثلاً:وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ [سورة البقرة:50]، لكن هذا ليس بقاطع، والله لما ذكر الصعق الذي وقع لبني إسرائيل لما كانوا مع موسى ﷺ حينما قالوا:أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً[سورة النساء:153]، قال: {فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ} [سورة البقرة:55]، فهنا ما كان فيه إمهال ولا انتظار،وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ، فينظرون الصاعقة وهي تنزل عليهم، -والله تعالى أعلم-، ولو فسر هذا بذاك -أي بما جاء في خبر بني إسرائيل- وهو موافق له وهناك ليس ثمة انتظار، بعض العلماء هناك يقول:  فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ، يقول: ينظر بعضكم إلى بعض وهو يقضي -يموت-، يعني على أساس أن الصاعقة التي أخذت بني إسرائيل كانت صعقة موت، وليست صعقة إغماء؛ لأن الله قال:ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ[سورة البقرة:56]، فماتوا حقيقة ثم أحياهم الله ، وهو أحد دلائل البعث المذكورة في سورة البقرة، وأَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ[سورة البقرة:259]، و{أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى} [سورة البقرة:260].