الثلاثاء 17 / صفر / 1447 - 12 / أغسطس 2025
فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

ثم قال تعالى:فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ قال المفسرون: هو عاقر الناقة، واسمه قُدار بن سالف، وكان أشقى قومه.

قال الله تعالى في موضع آخر:فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ[سورة الأعراف:77]، وقال:فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا[سورة الشمس:14] فأضاف العقر إليهم جميعاً، وهنا أضاف العقر لواحد فقال: فَتَعَاطَى فَعَقَرَ فدل ذلك على أنهم تمالئوا على عقرها فأضيف ذلك إليهم، فهذا وجه الجمع بين هذه الآيات وفي هذه الآية ما يبينه، وقوله:فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ هذا أحيمر ثمود الذي عقرها، والمؤرخون يذكرون في هذا خبراً هو -والله أعلم- من الأخبار الإسرائيلية، يقولون: امرأة كان عندها بنات في غاية الجمال، وكان عندها نَعَم كثير فتضررت بسبب هذه الناقة؛ لا ترد هذه الأنعامُ إلا يوماً بعد يوم فضاق بها ذلك، وأغرت هذا أن تُزوّجه وأن تخيره من بناتها ما شاء إن هو عقر الناقة، هكذا قيل، وقد يكون هذا وقد لا يكون، فهؤلاء الله أضاف ذلك إليهم، فهم فعلوا ذلك تجبراً وتكبراً ومحادة لله -تبارك وتعالى- ولهذا قال الله في سورة الأعراف:فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ[سورة الأعراف:77] تحدوه بهذا: هات العذاب.

كقوله:إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا[سورة الشمس:12]، فَتَعَاطَى أي: فَجَسر.

لفظة "تعاطي" في أصل معناها في كلام العرب تدل على تكلف في تناول الشيء وأخْذه، يعني: كأنه قام بتدابير وأعمال حتى عقرها، والمؤرخون يذكرون أشياء منها أنه كمن لها في أصل صخرة أو في أصل شجرة -كانت ناقة عظيمة- فضرب عضلة ساقها، رماها بسهم، ثم شد عليها بالسيف.

فَعَقَرَ ۝ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ أي: فعاقبتهم، فكيف كان عقابي لهم على كفرهم بي وتكذيبهم رسولي؟

وَنُذُرِ يمكن أن تفسر بأنها مصدر، يعني وإنذاري، أو نُذُري، كيف كان عذابي وإنذاري لهم؟، يعني: يمكن أن تكون بمعنى الجمع، ويمكن أن تفسر بمعنى المصدر، يعني وإنذاري.