الخميس 22 / ذو الحجة / 1446 - 19 / يونيو 2025
فِيهِمَا مِن كُلِّ فَٰكِهَةٍ زَوْجَانِ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ أي: تسرحان لسقي تلك الأشجار والأغصان فتثمر من جميع الألوان،فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ قال الحسن البصري: إحداهما يقال لها: "تسنيم"، والأخرى "السلسبيل".

وقال عطية: إحداهما من ماء غير آسن، والأخرى من خمر لذة للشاربين.

الحسن -رحمه الله- أخذ التسمية من وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ عَيْنًا[سورة المطففين:27]، يعني التسنيم هذه هي عين فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ قال: إحداهما التسنيم والأخرى السلسبيل، لكن قد يكون هذا وقد لا يكون هو المراد، ولهذا اختلفوا فيه، انظر قول عطية بعده وهو بعيد قال: إحداهما من ماء غير آسن والأخرى من خمر لذة للشاربين.

ورد عليه بكل بساطة أن هذه أنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفى، وأنهار من لبن، فقال:مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ[سورة محمد:15] والله أخبر أنه نهر من أنهار الجنة، وهنا عيون والعيون غير الأنهار.

ولهذا قال بعد هذا:فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ أي: من جميع أنواع الثمار مما يعلمون وخيرٌ مما يعلمون، ومما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر،فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ .

هذه الجملة فيها من كل فاكهة فيها صنفان، ومن أهل العلم من يقول: اليابس والرطب، وهذا لا دليل عليه، فالله أعلم به، لكن مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ: من كل فاكهة صنفان.

قال إبراهيم بن الحكم بن أبان، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباس: ما في الدنيا ثمرة حلوة ولا مرة إلا وهي في الجنة حتى الحنظلة.

الله لم يقل: من كل ثمرة زوجان حتى يذكر الحنظل، وإنما قال: فاكهة والحنظل ليس من الفاكهة، ولا للحيوانات.

وقال ابن عباس: ليس في الدنيا مما في الآخرة إلا الأسماء، يعني: أن بين ذلك بَونًا عظيما، وفرقًا بيّنا في التفاضل.