الإثنين 16 / صفر / 1447 - 11 / أغسطس 2025
مُتَّكِـِٔينَ عَلَىٰ رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِىٍّ حِسَانٍ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

وقوله:مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ: قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: الرفرف: المحابس، وكذا قال مجاهد، وعكرمة، والحسن، وقتادة، والضحاك، وغيرهما: هي المحابس، وقال العلاء بن بدر: الرفرف على السرير كهيئة المحابس المتدلي.

الرفرف يقول: هي المحابس، ويقول: قال العلاء بن بدر: الرفرف على السرير كهيئة المحابس المتدلي، وبعضهم يقول: هي البُسُط، وبعضهم يقول: هي الزرابي، وبعضهم يقول: أنواع من الثياب الخضر، وبعضهم يقول: الفرش المرتفعة، وبعضهم يقول: كل ثوب عريض، وبعضهم يقول: ثياب خضر يتخذ منها المحابس، وقيل: رياض الجنة، فمن نظر إلى الخضرة والاتساع قال: رياض الجنة، ومن نظر إلى أنها من رفرفَ الطائرُ بجناحيه، رفرف بمعنى حلق، فإذا أراد أن يرتفع يرفرف، وإذا أراد أن يطير، فقال: هي من الارتفاع فرش مرتفعة، بهذا الاعتبار، ومنهم من نظر إلى عكس هذا المعنى أن الطائر إذا أراد أن يقع على شيء رفرف بجناحيه عليه ليقع عليه، ومن نظر إلى هذا المعنى قال: إنها مثل هذه الأشياء المتدلية في طرف البساط، التي تكون في طرف البساط يقال لها: رفرف، والرفرف يطلق على الطرف ففي المراكب السيارات مثلاً ما كان فوق العجلة يقال له: رفرف، وكذلك أيضاً الخيام كما فسره به بعضهم، لكن ليس هنا في هذا الموضع لكن في أصل معناها اللغوي ليس في هذا الموضع، الرفرف الخيمة، تجدونها من ظهرها أو من خلفها تجدون عليها شيئاً يستر بحيث لا تدخل الشمس ما بين الرواق وظهر الخيمة -سقف الخيمة-، يعني هذا الرواق وتجد هنا هذا يقال له: رفرف أي الذي متصل بالسقف وينزل قليلاً هذا الرواق، هذا يقال له: رفرف، الشيء النازل من السرير الآن أصبح يوضع منفصلاً أو لا؟ يوضع في أطراف السرير بحيث يغطي جوانبه من نفس قماش قطاع السرير عادة، وعادة تكون بهيئة معينة وفيها كسرات للزينة، للتغطية، يقال له: رفرف.

وقوله:وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ: قال ابن عباس، وقتادة، والضحاك، والسدي: العبقري: الزرابي.

العبقري: الزرابي وبعضهم يقول: هي الزرابي والطنافس التي فيها وشي، والمقصود بـ"الوشي" خطوط معلمة مخططة وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ، وابن جرير -رحمه الله- فسره بالطنافس الغليظة الثخينة، وبعضهم يقول: كل شيء فيه وشي من البُسُط، يعني المخطط المعلم يقال له: عبقري، يقول بعضهم: منسوب إلى أرض يصنع فيها ذلك، ونسب إليها فقيل له: عبقري، وبعضهم يقول: كل شيء جيد متقن الصناعة فإن العرب تقول له: عبقري، فيقولون للإنسان الحاذق: عبقري، الذكي عبقري، يقولون: نسبة إلى قرية يزعمون أن الجن يسكنونها، فينسبون إليها كل ما فيه إتقان وحذق من مصنوع أو إنسان أو غير ذلك، يقولون: هذا عبقري، فالثياب أو المنسوجات الجيدة الحسنة متقنة الصنع، يقولون لها: عبقري بهذا الاعتبار نسبة إلى قرية يسكنها الجن في زعمهم، وبعضهم يقول: هي البُسُط، العبقري الحسان بسط حسان، وبعضهم يقول: الديباج، وقيل: غير ذلك، هذه الأقوال المتنوعة من الصحابة والتابعين في تفسير العبقري، وفي تفسير الرفرف مما يدل على أنه يطلق -والله أعلم- على هذه المعاني كلها، والعرب تطلقه على ذلك فالرفرف يطلق على طرف الشيء مما يكون في الخيمة، وطرف البساط وما يوضع على الأرائك من قماش يزينها، وكذلك أيضاً العبقري الطنافس الثخان، يقال لها: عبقري عندهم، وكذلك أيضاً البسط المزينة، والمزينة لا يخالف قول من قال: إنها ديباج أو إنها حسنة ومتقنة الصنع، والنسج، إلى غير ذلك من الأقوال، فكل هذا يقولون له: عبقري فتعددت أقوالهم فيه وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ فهم يتكئون ويجلسون على بسط في غاية الزينة والجمال والإحكام في الصنع والإتقان، ومن يعرف هذه الأمور يدرك هذا المعنى، فتجد البساط الذي يعمل: نسج جيد، وكذا يباع بمبالغ خيالية -والله أعلم-، ومثل هذه الألفاظ مرجعها إلى اللغة، وهؤلاء عرب خلص فتعددت أقوالهم فيها هذا التعدد وهم أهل اللغة، وهو شيء يعرفونه في بيئتهم، فدل ذلك -والله أعلم- على أنه يطلق على هذه المعاني كلها عند العرب، والله أعلم.