الأربعاء 21 / ذو الحجة / 1446 - 18 / يونيو 2025
وَأَقِيمُوا۟ ٱلْوَزْنَ بِٱلْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا۟ ٱلْمِيزَانَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

وقوله تعالى:وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ يعني: العدل، كما قال:لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ[سورة الحديد:25]، وهكذا قال هاهنا:أَلا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ أي: خلق السموات والأرض بالحق والعدل، لتكون الأشياء كلها بالحق والعدل.

فسر الميزان هنا بالعدل، ومن أهل العلم من فسره بالأدلة، ووضع الميزان براهين الحق، وهذا فيه بعد، ومنهم من فسر وضع الميزان بالميزان المعروف الذي توزن به الأشياء، والحافظ ابن كثير -رحمه الله- هنا فسره بالعدل، وهو اختيار ابن جرير، والميزان يطلق على العدل في كلام العرب، ويطلق على آلته، الآلة التي يحصل بها هذا العدل بين الناس وهو الميزان المعروف فيطلق على هذا وعلى هذا، وهما متلازمان وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ[سورة الشعراء:182]، فسر بالعدل، وفسر بآلته وهي الميزان المعروف، وإذا كانت الآية تحتمل معنيين بينهما ملازمة فإن هذا من أوضح الصور التي تحمل فيها الآية على المعاني التي احتملتها إن لم يوجد مانع من حملها على بعضها، فيقال: إن الله -تبارك وتعالى- وضع الميزان العدل، ووضع آلته التي يتحقق بها بين الناس العدلُ، أما تفسير هذا بالبراهين فهذا بعيد، وابن القيم -رحمه الله- حمله على معنيين العدل وآلة العدل.

ولهذا قال:وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ أي: لا تبخسوا الوزن، بل زِنوا بالحق والقسط، كما قال تعالى:وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ .