السبت 05 / ذو القعدة / 1446 - 03 / مايو 2025
لَّا يَمَسُّهُۥٓ إِلَّا ٱلْمُطَهَّرُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ۝ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ۝ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ۝ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ ۝ لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ ۝ تَنزيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۝ أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ ۝ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ[سورة الواقعة:75-82].

 ليست "لا" زائدة لا معنى لها كما قال بعض المفسرين، بل يؤتى بها في أول القسم إذا كان مقسمًا به على منفي، كقول عائشة -ا-: "لا والله ما مست يد رسول الله ﷺ يد امرأة قط"[1]، وهكذا هاهنا تقدير الكلام: "لا أقسم بمواقع النجوم ليس الأمر كما زعمتم في القرآن أنه سحر أو كهانة، بل هو قرآن كريم".

وقال ابن جرير: وقال بعض أهل العربية: معنى قوله:فَلا أُقْسِمُ فليس الأمر كما تقولون، ثم استأنف القسم بعد ذلك فقيل: أقسم.

وقوله:فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ قال مجاهد أيضًا:بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ في السماء، ويقال: مطالعها ومشارقها، وكذا قال الحسن، وقتادة، وهو اختيار ابن جرير، وعن قتادة: مواقعها: منازلها.

قوله -تبارك وتعالى-:فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ من أهل العلم من قال: معنى النجوم القرآن؛ لأنه نزل منجماً، وأقسم الله به فقال:وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى[سورة النجم:1]، وذلك كقوله:فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ هكذا فسره بعض أهل العلم، وهنا فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ قال: ليست "لا" زائدة، والجمهور يقولون: إن "لا" هذه زائدة إعراباً تفيد معنى التوكيد، هذا قول عامة أهل العلم، وهذه العبارة -عبارة الزائدة- قد لا تحسن ولا تجمل أن يعبر بها فيما يتعلق بالقرآن، كما قال في المراقي:

ولم يكن في الوحي حشوٌ يقع

فالزيادة حشو فلا يليق أن يقال ذلك، فليس فيه شيء إلا له معنى، وزيادة المبني لزيادة المعنى، والذين قالوا: بالزيادة لا يقصدون هذا، فهم يقولون: زائدة المعنى، ولم تكن إطلاقاً من قبيل الحشو، إنما يقصدون بذلك أنها زائدة إعراباً، ولهذا أحياناً يهذبون اللفظة، يقولون: صلة، ويقصدون بـ "زائدة" أنها زائدة إعراباً للتوكيد، يعني إذا دخلت على القسم فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ، لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ[سورة القيامة:1]، لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ[سورة البلد:1] معناها أقسم، والعرب تزيد "لا" تأكيداً للقسم، هذا هو المعنى، "لا": يقول: ليست زائدة، والذين قالوا: إنها زائدة قالوا: إن الله قال: وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ فجعله قسماً فليست نافية قطعاً، وهذا الاحتجاج أو هذا الجواب يصلح رداً على من قال: إنها نافية للقسم، ومن العلماء من قال: إنها زائدة لتوكيد القسم، تفيد معنى، وهو توكيد القسم، ولكن لا محل لها من الإعراب فَلا أُقْسِمُ بمعنى أقسم، ومن العلماء من قال: ليست بزائدة، وقالوا: إن معناها النفي، والحافظ ابن كثير -رحمه الله- يقول: إنها تتعلق بنفي كلام مقدر، أو شيء مقدر، فلا أقسم بمواقع النجوم لا لما تزعمون، وتقولون في القرآن: إنه سحر وكهانة أُقسمُ بمواقع النجوم هذا القسم العظيم إنه لقرآن كريم، ليس كهانة ولا شعراً ولا سحراً، قالوا: هي نافية لكلام مقدر، لا لما تزعمون، لا لما تدعون، والأصل عدم التقدير، ومهما أمكن حمل الكلام على معنى صحيح من غير دعوى التقدير فهو الأولى، ومن أهل العلم من قال: هي نافية، ليست نافية لأمر مقدر، وإنما نافية للقسم أن المسألة أوضح من أن يقسم عليها، فلا أحتاج أن أقسم بمواقع النجوم وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ۝ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ وهذا بعيد، وإن قال به بعض أهل العلم؛ لأنه قال:وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ لكن يمكن لهؤلاء أن يجيبوا فيقولوا: وإنه لقسم لو أقسمتُ به، أنا لا أقسم بمواقع النجوم، ولو أقسمت به لكان قسماً عظيماً، يمكن أن يجيبوا، كل شيء يمكن أن يُجادَل فيه، والجدال ليس له حد محدود لمن أراد أن يجادل، ومن أهل العلم من قال: إن هذه "اللام" أصلاً "لام" الابتداء فَلا أُقْسِمُ هذه "لام" الابتداء أصلاً، والأصل فلأقسم، وجاء هذا في قراءة غير متواترة، فأشبعت هذه الفتحة فتولد منها ألف، أي فلا أنا أقسم بذلك، وهذا -والله أعلم- كما قال بعض المفسرين: بل يؤتى بها في أول القسم إذا كان مُقسماً به على منفي، والذين منعوا من هذا وهم الجمهور قالوا: الآن تحتاج إلى تقدير مبتدأ وخبر، أي فلا لما تقولون في القرآن: إنه سحر، ولا حقيقة لقولكم في القرآن، وإن الذين منعوا من هذا قالوا: أصلاً لا يجوز حذف اسمها وخبرها معاً، وأولائك أيضاً عندهم الاستعداد الكامل أنهم يجيبون عن مثل هذا، ولو تتبعنا مثل هذا لطال الوقت، فالقول بأنها لتأكيد القسم قول قريب له وجه ظاهر من النظر -والله تعالى أعلم-، ولا يحتاج إلى تقدير.

قال هنا يحتج على أن هناك كلاماً مقدراً: كقول عائشة -ا-: "لا والله ما مست يد رسول الله ﷺ يد امرأة" يعني: "لا" لما قد يتوهمه البعض من أن النبي ﷺ يصافح النساء أو نحو ذلك، "ما مست يده"، والسياق يبين المراد، والمناسبة، والحال، والاحتمال لاشك أنه وارد، يقول: "وهكذا هنا تقدير الكلام لا أقسم بمواقع النجوم.. إلى آخره، في معنى: مواقع النجوم يقول: قال مجاهد: مواقع النجوم في السماء، ويقال: مطالعها ومشارقها، وكذا قال الحسن، وقتادة، وهو اختيار ابن جرير، العلماء اختلفوا في المراد بالنجوم، فمنهم من قال: هي النجوم التي في السماء، وهذا قول عامة السلف

والمفسرين: أنها النجوم التي في السماء، واختلفوا في المراد بمواقع النجوم ما هي؟ فمن قائل: هي مطالعها ومغاربها؛ لأن هذه آية تتجلى فيها عظمة الله ، كما قال الله :فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ[سورة المعارج:40] أي أقسم برب المشارق، فالشمس والقمر، أو الأفلاك، من الممكن أن تكون الشمس شتاءً وصيفاً كما ذكرنا أو الأفلاك كل هذه تتطلع ثم تغيب، يقولون: ولهذا أقسم الله بالليل في حال إقباله، وفي حال إدباره، فهذه مظاهر تتجلى فيها عظمة الله وقدرته، ومن أهل العلم من قال: مواقع النجوم هي مطالعها ومغاربها ومساراتها إذا سارت، ومنهم من يقول: "مواقع النجوم" هي مساقطها ومغاربها إذا غابت، ومن أهل العلم من يقول: "مواقع النجوم" هي محالّها في السماء، ومنهم من يقول: هي منازلها، تمشي بمنازل كما أن القمر يمشي بمنازل، والشمس تسير وتجري بمنازل وهكذا، فقالوا: هذا هو المراد "مواقع النجوم" فهؤلاء كلهم يقولون: إنها النجوم التي في السماء، يقول هنا: "قال مجاهد: مواقع النجوم في السماء ويقال مطالعها ومشارقها"، والمراد بقوله: مواقع النجوم في السماء، يقول: "وعن قتادة مواقعها منازلها" منازل يعني التي تسير فيها، يقول عن قول مجاهد مواقع النجوم في السماء، ويقال: "مطالعها ومشارقها وكذا قال الحسن وقتادة وهو اختيار ابن جرير"

ابن جرير فسره بمساقطها، ومن أهل العلم من قال: بمواقع النجوم يعني التي يرمى بها الشهب، وهذا القول الذي عليه عامة أهل العلم، ووجه العلاقة بين هذا وبين المقسم به إِنَّهُ لَقُرْآنٌ، فمن أهل العلم من يحاول أن يربط بين هذا وهذا كابن القيم يقول: النجوم للاهتداء لِتَهْتَدُواْ بِهَا[سورة الأنعام:97]، والقرآن للاهتداء، فهذه يُهتدى بها في ظلمات البر والبحر، وهذه يهتدى بها من ظلمات الجهل والظلام، والنجوم آية من آيات الله  في هذا الخلق، والقرآن آية، وكله آيات تدل على أنه من عند الله ، وتدل على صدق قائله، ونسبته إلى الله، النجوم رجوم للشياطين الجنية، والقرآن رجوم للشياطين الإنسية، والجنية معنوياً، كما قال الله وصور في سورة البقرة:مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ ۝ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ[سورة البقرة :17-18]، قال:أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاء فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ [سورة البقرة :19] ففسر هذا بآيات الوعيد والزجر، إذا سمعوه اضطربوا وخافوا هذا حال المنافقين، كالذي يمشي في ظلام، ويضع أصبعيه في أذنيه خوفاً من البرد والرعد، فزواجر القرآن هي الرعد، وآياته وبراهينه الواضحة وحججه الدامغة كالبرق الذي يخطف الأبصار، والقول الآخر: إن المراد بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ أي: نجوم القرآن، وهذا هو الذي اختاره الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله- وقال: المناسبة ظاهرة بين القسم فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ۝ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ۝ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ، قال فقوله:إِنَّهُ لَقُرْآنٌ يدل على أن مواقع النجوم هذه،إِنَّهُ لَقُرْآنٌ تفسير لمواقع النجوم وهذا ليس بلازم، فأقسمَ بمواقع النجوم إنه لقرآن، ولم يقل: النجوم في السماء بأن هذا قرآن كريم، وهذا هو الأقرب -والله تعالى أعلم-، واحتج له ابن القيم -رحمه الله- من عشرة أوجه، أعني أنها النجوم التي في السماء، ورد على القائلين بغير هذا، والله أعلم.

وقوله:وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ أي: وإن هذا القسم الذي أقسمتُ به لقسم عظيم، لو تعلمون عظمته لعظّمتم المقسم به عليه،إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ أي: إن هذا القرآن الذي نزل على محمد لكتاب عظيم، فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ أي: معظّم في كتاب معظم محفوظ موقر.

إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ[سورة الواقعة:77] أي: إن هذا القرآن الذي نزل على محمد لكتاب عظيم،فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ [سورة الواقعة:78] أي: معظّم في كتاب معظم محفوظ موقر.

وقال ابن جرير: حدثني إسماعيل بن موسى، أخبرنا شريك، عن حكيم -هو ابن جبير- عن سعيد بن جُبَيْر، عن ابن عباس:لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ [سورة الواقعة:79] قال: الكتاب الذي في السماء.

وقال العَوْفِيّ، عن ابن عباس -ا-:لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ يعني: الملائكة، وكذا قال أنس ، ومجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جُبَيْر، والضحاك، وأبو الشعثاء جابر بن زيد،وأبو نَهِيك، والسُّدِّيّ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وغيرهم.

وقال ابن جرير: حدثنا ابن عبد الأعلى، حدثنا ابن ثور، حدثنا معمر، عن قتادة:لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ قال: لا يمسه عند الله إلا المطهرون، فأما في الدنيا فإنه يمسه المجوسي النجس، والمنافق الرجس، وقال: وهي في قراءة ابن مسعود:مَا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ.

وقال أبو العالية:لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ليس أنتم أصحاب الذنوب.

 فيقول الله :إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ۝ فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ ثم ذكر المفسر طائفة من أقوال السلف في المراد بهذا الكتاب المكنون الذي لا يمسه إلا المطهرون، فوصف هذا الكتاب بهذين الوصفين أنه مكنون ولا يمسه إلا المطهرون، واختلف المفسرون في المراد بالكتاب المكنون اختلافاً كثيراً مشهوراً، هل المراد به المصحف الذي في أيدي الملائكة؟ أو المراد به اللوح المحفوظ باعتبار أنه مكنون مغيب عن أنظار الناس وأعينهم؟، فإن هذا القرآن الذي بين أيدينا قد لا يصدق عليه هذا الوصف باعتبار أنه مكنون، بل نقرؤه، ونحفظه، وإنما أنزل لذلك؛ من أجل أن يُعمل به ويتدبر ويُتفهم مراد الله قال:فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ، ومعلوم أن القرآن له تنزلات، الله أنزل القرآن في اللوح المحفوظ كما قال الله : فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ[سورة البروج:22]، وأنزله أيضاً في بيت العزة في سماء الدنيا ليلة القدر جملة واحدة، كما قال الله تعالى:إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ[سورة القدر:1]، وإن كان من السلف من قال: إن المراد ابتدأنا إنزاله في ليلة القدر، فإن هذا لا يعارض ما جاء عن ابن عباس -ا- بأنه نزل جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر،شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ[سورة البقرة:185]، ومثل هذا صح عن ابن عباس -ا- ولا يقال من جهة الرأي فهذا من الأمور الغيبية فله حكم الرفع، فهذا تنزل آخر للقرآن، التنزل الثالث أنه في صحف بأيدي الملائكة كما في سورة عبس:فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ ۝ مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ ۝ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ۝ كِرَامٍ بَرَرَةٍ[سورة عبس:13-16]، فهذا التنزل الثالث، والتنزل الرابع على النبي ﷺ ينزل به جبريل من الله مباشرة إلى رسول الله ﷺ هذه أربعة تنزلات للقرآن، ووصف الله الكتاب بأنه مكنون فقال:فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ ولهذا قال طائفة كثيرة من أهل العلم: إن المراد به الذي في السماء، منهم من يقول: في اللوح المحفوظ، ومنهم من يقول: الذي بأيدي الملائكة لكن ليس الذي في أيدينا، ونقل عن ابن عباس قال: "الكتاب الذي في السماء"، ومن أهل العلم من يعبر بعبارة أخص من هذه فيقول: الذي بأيدي الملائكة، كما قال به طائفة من السلف، وهو اختيار الحافظ ابن القيم -رحمه الله-: الذي بأيدي الملائكة، واحتج له ابن القيم من وجوه كثيرة، في بعض المواضع من عشرة أوجه، وفي بعضها من سبعة أوجه، ومن أوضحها أن الله وصفه بأنه مكنون، وكذلك هذا القرآن قال الله : لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، ولم يقل: "المتطهرون"، فالمطهرون طهرهم الله وهولاء هم الملائكة، وذكر وجوهاً أخرى، والله يقول:فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ ۝ لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ۝ تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ، يقول: لو كان المقصود المتطهرون من الأحداث من الحدث يعني الوضوء أو من الحدث الأكبر بالغسل، يقول: هل هذا وصف مؤثر بالنسبة للمخاطبين الذين أراد الله أن يبن لهم عظمة هذا القرآن؟، ويقول: إن تفسير ذلك بأن المراد به الملائكة أولى وأوقع في النفس، وأقرب إلى المطلوب من أن يوصف بأنه لا يمسه إلا المتوضئ مثلاً، أو المتطهر طهارة من الحدث الأصغر أو الأكبر، وأيضاً لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ هذا الوصف، قال بعده:تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ فهذه الأوصاف جميعاً أقرب إلى الذي بأيدي الملائكة من الذي بأيدينا؛ لأن الذي بأيدينا يمسه كما ورد في هذه الآثار يمسه المنافق، وقد يمسه غير المتوضئ، ويمسه لربما الكافر، فهنا قال:لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، قال ابن عباس: "الكتاب الذي في السماء"، وفي قراءة أخرى متواترة أي قراءة نافع وأبي عمرو، في رواية عنهما بإسكان الطاء وفتح الهاء المُطْهَرون، والمعنى في ذلك واحد -والله أعلم-، والمُطَهَّرون يحتمل أن يكون المراد به من طهره الله ، وهم الملائكة وهذا الذي عليه كثير من السلف فمن بعدهم، ولهذا قال هنا عن ابن عباس -ا- قال: "هم الملائكة"،لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ ۝ مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ ۝ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ وهم الملائكة سفراء بين الله وخلقه، جمع سافر؛ لأنهم يُسفرون عن رسالات الله ، وقيل للسفر: سفر؛ لأنه يُسفر عن أخلاق الناس أخلاق الرجال فهؤلاء سفرة تقول: (فلان سفير) فالسفرة جمع سافر، فهذا من أشهر الأقوال في تفسير الآية:لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ يعني الملائكة، وبعضهم يقول:لَّا يَمَسُّهُ بمعنى لا ينزل به، فإذا قلنا: الملائكة فيكون هذا من تفسير اللفظ بلازمه، وإلا فإن المس ليس معناه النزول، لكن لما كانت الملائكة هي التي تنزل به -وهم سفراء بِأَيْدِي سَفَرَةٍ أي الرسل من الملائكة- جاز ذلك، وبعضهم قال:لَّا يَمَسُّهُ يعني المس، فسره على ظاهره المس باليد، قالوا: أي لا يقرؤه إلا المطهرون، فهذا قال: لا يمسه بالأيدي إلا المطهرون إلا من تطهر، وبعضهم فسره بالقراءة قال: لا يقرؤه وهذا بعيد؛ لأن القراءة لا يقال لها: مس، ومنهم من فسره بمعنى معنوي قال: لا ينتفع به ولا يفتح معانيه، ولا يفهم كتاب الله إلا المطهرون؛ لأن الله وصف هذا الكتاب بأنه كتاب كريم، وكتاب عزيز، فلا تدخل معانيه في القلوب التي قد اشتملت على مساوئ الأوصاف من التعلق بغير الله ، وما شابه ذلك من الباطل، فإن ذلك لا يصلح أن يكون محلاً لمعاني القرآن، قد ذكرنا لكم من قبل كلام أهل العلم كلام شيخ الإسلام، ومن قبله قول النبي ﷺ وقد ذكره أبو حامد الغزالي، يقول النبي ﷺ:إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة[2]، قال: فكذلك القلوب إذا كانت تحمل أخلاق الكلاب، فإن الملائكة لا تدخلها بالمعاني الطيبة، وهذا مثال على التفسير الإشاري للحديث، التفسير الإشاري اللطيف الذي يمكن أن يقبل للحديث، فالخلاصة في لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ من أهل العلم من فسر "المس" بالمس الحسي فقال: الملائكة وهذا هو الأقرب، ومنهم من فسره بالملائكة أو قال: الناس، ومنهم من فسره بأمر معنوي فقال: لا يمسه أي لا يفهم معانيه، ويدرك تفسيره إلا القلوب المطهرة من الشرك، والأوضار، والدنس، وكلما كان القلب أطهر كلما كان ذلك أدعى لانفتاح المعاني، فهذا فسره بمعنى معنوي، وليس ذلك معنى المس، فالأقرب أن يقال:لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ المس على ظاهره، لا تمسه الأيدي، لا يمسه إلا المطهرون وهم الملائكة، فإنه قال:فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ ۝ لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، و فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ ۝ مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ ۝ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ومن تطهيرها أن الأيدي الدنسة لا تمسه، لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، والذين قالوا: إن المراد بـ "المطهرين" الناس الذين تطهروا طهارة من الأحداث، اختلفوا في هذا، أو الذين قالوا: إنهم الناس، ومنهم من قال: يعني المؤمنين، فإن القرآن لا يمسه المشرك، ومنهم من قال: المراد بذلك الطهارة الحسية من الحدث الأكبر والأصغر، والنبيﷺ يقول:لا يمس القرآن إلا طاهر[3]، قالوا: هؤلاء هم المطهرون، وهذا أخص معانيه، قالوا: المراد به من كان طاهراً، ويعد هذا أخص معانيه؛ لأن الكافر من باب أولى، إذا كان المسلم غير المتوضئ لا يمس القرآن فمن باب أولى الكافر، هذه الخلاصة، والراجح -والله تعالى أعلم- هو أن المراد بـ "المطهرين" الملائكة، وأن الكتاب المكنون هو الذي في السماء، لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ من قال: إن القرآن لا يمسه إلا من كان متطهراً من الأحداث نقول: ليس المراد بـ "الكتاب المكنون" هو هذا الذي بأيدينا، لكن يمكن أن يفهم من هذه الآية أنها تشير إلى هذا المعنى الذي ذكره بعض أهل العلم أنه لا يمسه إلا طاهر من الكفر، وطاهر من الحدث الأكبر والأصغر، لكن ذلك ليس بصريح، فهو من باب الإشارة، الإشارة التي عند أرباب السلوك وليست التي عند الأصوليين، وهي ليست من أنواع الدلالات التي تسلط على النص، ويستنبط منها الأحكام، وإنما هي لفتات يستأنس بها فقط إذا كانت صحيحة بشروط، ووجه ذلك كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-: إذا كان الذي في السماء لا يمسه إلا المطهرون فإن هذا يشير إلى أن الذي في الأرض ينبغي أن يكون كذلك؛ لأن الذي في السماء نزل على محمد ﷺ أنزله جبريل، تلقاه من الله، فإذاً ينبغي أن يطهر فلا يمسه كافر، يدل لذلك قول النبي ﷺ: لا يمس القرآن إلا طاهر هذا جاء في الكتاب الذي كتبه النبي ﷺ لعمرو بن حزم فهو كتاب، وقال الإمام أحمد-رحمه الله-: أعلم أن رسول الله ﷺ قاله، فهو لا شك أن رسول الله ﷺ كتبه، وذكر ابن عبد البر -رحمه الله- أن هذا الكتاب لا يحتاج إلى إسناد صحيح، وإنما يكفي استفاضته بين العلماء، وتلقيهم له، وشهرته، قال: فإن ذلك يغني عن الملف، السند، وجاء عن ابن عمر في هذا، وعن عثمان بن أبي العاص ، وجاء من حديث معاذ، وإن كانت هذه الأحاديث لا تخلو من ضعف إلا أنها تنجبل بمجموعها، ويبقى معنى هذا الحديث لا يمس القرآن إلا طاهر، هذا كتبه الرسول ﷺ لأهل اليمن، اليمن فيها كفار من أهل الكتاب، وفيها مجوس وفيها مسلمون حينما بعث النبي ﷺ بذلك فمن أهل العلم من قال: المراد به لا يمس القرآن إلا طاهر، أي إلا مسلم فالكافر نجس؛ لأن الله قال: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ [سورة التوبة:28]، ومنهم من قال بمعنى أخص وهو أنه لا يمسه إلا من كان طاهراً من الحدث الأكبر والأصغر، و الكلام في المس ليس في القراءة، والحديث اعتبره بعض أهل العلم من قبيل المجمل يعني أنه يحتمل معانيَ متعددة، والمجمل لا تسقط حجيته، وإنما يترجح لبعض أهل العلم معنى من معانيه فيقول به لكن حينما يقولون: إن الاحتمال كساه ثوب الإجمال فسقط به الاستدلال، غاية ما يقال في هذا -إن قُبل-: إنه في مقام المناظرة في مقام الاحتجاج على المخالف فيقول: لا تحتج عليّ بهذا، هذا محتمل لقولي وقولك فسقط به الاستدلال بهذا الاعتبار، لكن أنا يترجح لي معنى منه وتقول سقط به الاستدلال هذا ليس صحيحاً، وهذا تعطيل للنصوص، فكثير من النصوص محتملة، والحديث تبقى فيه هذه الاحتمالات، ولكن نأخذ مما ورد عن بعض الصحابة كسعد بن أبي وقاص وجماعة مما صح عنهم أنهم كانوا يرون التطهر لمس القرآن، فإذا كان كذلك فنقف مع هذه النصوص، ونقول: لا يجوز للإنسان أن يمس القرآن إلا أن يكون متطهراً، وليس ذلك مأخوذاً من الآية، فالآية في الكتاب الذي في السماء، ولكن من قول النبي ﷺ:لا يمس القرآن إلا طاهر، وورد هذا عن بعض الصحابة، ولا أعلم لذلك مخالفاً تصح عنه الرواية بأنه يجوز مس القرآن من غير طهارة عن الصحابة، وقول الصحابي إذا لم يوجد له مخالف فإنه حجة، هذا في المس، أما مسألة القراءة فالذي يظهر -والله تعالى أعلم- أنه يجوز للإنسان أن يقرأه جنباً يجوز الحائض أن تقرأه، ومن عليه حدث أصغر، والبخاري -رحمه الله- قال: باب: أن النبي ﷺكان يقرأ القرآن على كل أحيانه كما في حديث عائشة -ا-، وهذا ظاهره أن البخاري -رحمه الله- كان يرى هذا، وبه قال طائفة من أهل العلم، والأحاديث التي وردت في أن لا يقرأ القرآن الحائض ولا الجنب إلى آخره لا يصح منها شيء، وهي مضطربة في المتن، ضعيفة في الإسناد -والله أعلم-، فهذه خلاصه للكلام في المعاني المذكورة في قوله:لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، ولابن القيم -رحمه الله- كلام جيد في هذه القضية يصلح مثالاً على التفسير الإشاري لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ،

فيقول -رحمه الله تعالى-: "وسمعت شيخ الإسلام يقرر الاستدلال بالآية على أن المصحف لا يمسه المحدث بوجه آخر فقال هذا من باب التنبيه والإشارة إذا كانت الصحف التي في السماء لا يمسها إلا المطهرون فكذلك الصحف التي بأيدينا من القرآن لا ينبغي أن يمسها إلا طاهر"[4]،

كلام شيخ الإسلام هذا من قبيل التفسير بالإشارة، مثال على التفسير الإشاري الصحيح، والتفسير الإشاري القليل منه يصح، وأكثره باطل وهذا مثال على الصحيح،

وقال ابن القيم -رحمه الله-: "ودلت الآية بإشارتها وإيمائها على أنه لا يدرك معانيه ولا يفهمه إلا القلوب الطاهرة"[5]،

هذا من باب أن الشيء بالشيء يذكر، وهذه طريقة أهل السلوك، فهذا كلام حسن جيد، إشارتُها وإماؤها ليس المقصود دلالة الإشارة عند الأصوليين، وهي دلالة صحيحة استنبطوا بها الأحكام،

ثم قال -رحمه الله-: "وحرام على القلب المتلوث بنجاسة البدع والمخالفات أن ينال معانيه، وأن يفهمه كما ينبغي، قال البخاري في صحيحه في هذه الآية: لا يجد طعمه إلا من آمن به، وهذا أيضا من إشارة الآية وتنبيهها، وهو أنه لا يلتذ به وبقراءته وفهمه وتدبره إلا من شهد أنه كلام الله تكلم به حقا وأنزله على رسوله وحيا، ولا ينال معانيه إلا من لم يكن في قلبه حرج منه بوجه من الوجوه، فمن لم يؤمن بأنه حق من عند الله ففي قلبه منه حرج، ومن لم يؤمن بأن الله سبحانه تكلم به وحيا وليس مخلوقا من جملة مخلوقاته ففي قلبه من حرج، ومن قال: إن له باطنا يخالف ظاهره وإن له تأويلا يخالف ما يفهم منه ففي قلبه منه حرج...، إلى أن قال: "وأنت إذا تأملت قوله: لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، وأعطيت الآية حقها من دلالة اللفظ وإيمائه وإشارته وتنبيهه وقياس الشيء على نظيره واعتباره بمُشاكله وتأملت المشابهة التي عقدها الله سبحانه وربطها بين الظاهر والباطن فهمت هذه المعاني كلها من الآية وبالله التوفيق"[6].
وقال ابن القيم -رحمه الله- أيضاً: " وأنت إذا تأملت قوله تعالى:إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ وجدتَ الآية من أظهر الأدلة على نبوة النبي ﷺ، وأن هذا القرآن جاء من عند الله، وأن الذي جاء به روح مطهر، فما للأرواح الخبيثة عليه سبيل، ووجدتَ الآية أخت قوله وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ ۝ وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ[سورة الشعراء:210-211]، ووجدتَها دالة بأحسن الدلالة على أنه لا يمس المصحف إلا طاهر، ووجدتَها دالة أيضا بألطف الدلالة على أنه لا يجد حلاوته وطعمه إلا من آمن به وعمل به كما فهمه البخاري من الآية فقال في صحيحه في باب قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا[سورة آل عمران:93]: "لا يمسه" لا يجد طعمه ولا نفعه إلا من آمن بالقرآن، ولا يحمله بحقه إلا المؤمن لقوله تعالى:مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً[سورة الجمعة:5]، وتجد تحته أيضا أنه لا ينال معانيه، ويفهمه كما ينبغي إلا القلوب الطاهرة، وأن القلوب النجسة ممنوعة من فهمه مصروفة عنه، فتأمل هذا النسب القريب، وعقْد هذه الأخوة بين هذه المعاني وبين المعنى الظاهر من الآية، واستنباط هذه المعاني كلها من الآية بأحسن وجه وأبينه فهذا من الفهم الذي أشار إليه عليٌّ "[7].

يعني لما سأله أبو جحيفة هل خصكم رسول الله ﷺ بشيء؟ قال: "لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا فهماً يؤتيه الله رجلاً في كتابه، أو ما في هذه الصحيفة، هذا من الفهم الذي يؤتيه الله رجلاً في كتابه[8].

وقوله: قال: وهي في قراءة ابن مسعود ما يمسه إلا المطهرون، وقال أبو العالية:لَّا يَمَسُّهُ، ويمكن أن تكون نافية مخبرة إذا قلنا: إن المراد الذي بأيدي الملائكة فهذا خبر فتكون "لا" نافية، وإذا قلنا: إنه الذي في الصحف التي عندنا فتكون مضمنة معنى النهي لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ مضمنة معنى النهي، والله تعالى أعلم، يقول هنا قال أبو العالية: ليس أنتم أصحاب الذنوب، يعني: الملائكة، وهذا هو اختيار ابن جرير-رحمه الله-، ومطهرون أي من الذنوب.

وقال ابن زيد: زَعَمت كفار قريش أن هذا القرآن تنزلت به الشياطين، فأخبر الله تعالى أنه لا يمسه إلا المطهرون كما قال:وَمَا تَنزلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ ۝ وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ ۝ إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ[سورة الشعراء:210-212].

وهذا القول قول جيد، وهو لا يخرج عن الأقوال التي قبله.

يعني: الملائكة لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، بِأَيْدِي سَفَرَةٍ [سورة عبس:15] مطهرون من الذنوب هذا كله يرجع إلى شيء واحد.

وقوله:تَنزيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ أي: هذا القرآن منزل من الله رب العالمين، وليس هو كما يقولون: إنه سحر، أو كهانة، أو شِعر، بل هو الحق الذي لا مِرْية فيه، وليس وراءه حق نافع.

 

  1. رواه البخاري، كتاب الطلاق، باب إذا أسلمت المشركة أو النصرانية تحت الذمي أو الحربي، برقم (4983)، ومسلم، كتاب الإمارة، باب كيفية بيعة النساء، برقم (1866).
  2. رواه ابن ماجه بهذا اللفظ، كتاب اللباس، باب الصور في البيت، برقم (3650)، والنسائي، كتاب الصيد والذبائح، باب امتناع الملائكة من دخول بيت فيه كلب، برقم (4281)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (3724).
  3. رواه الطبراني في المعجم الكبير، برقم (13039)، والبيهقي في شعب الإيمان، برقم (2111)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (7780).
  4. التبيان في أقسام القرآن، لابن القيم (229)، تحقيق: محمد حامد الفقي، دار المعرفة، بيروت، لبنان.
  5. المصدر السابق (230).
  6. المصدر السابق (230-231).
  7.  إعلام الموقعين عن رب العالمين، لابن القيم (1/ 268-269).
  8. رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب فكاك الأسير، برقم (2882)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على أن حب الأنصار وعلىٍّ من الإيمان وعلاماته، وبغضهم من علامات النفاق، برقم (78).