الخميس 22 / ذو الحجة / 1446 - 19 / يونيو 2025
قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"قَالَ أَوْسَطُهُمْ قَالَ اِبْن عَبَّاس، وَمُجَاهِد، وَسَعِيد بْن جُبَيْر، وَعِكْرِمَة، وَمُحَمَّد بْن كَعْب، وَالرَّبِيع بْن أَنَس، وَالضَّحَّاك، وَقَتَادَة: "أَيْ: أَعْدَلهمْ، وَخَيْرهمْ"".

الأوسط يعني العدل قال الله - تبارك وتعالى -: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [البقرة:143] أي: عدولاً خيارًا، الأوسط هو الأعدل.

"أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ قَالَ مُجَاهِد، وَالسُّدِّيّ، وَابْن جُرَيْج: لَوْلَا تُسَبِّحُونَ أَيْ لَوْلَا تَسْتَثْنُونَ، قَالَ السُّدِّيّ: وَكَانَ اِسْتِثْنَاؤُهُمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَان تَسْبِيحًا، وَقَالَ اِبْن جَرِير: "هُوَ قَوْل الْقَائِل: إِنْ شَاءَ اللَّه"".

يعني أن ابن جرير أيضًا فسره بهذا، يعني هذا يقوله لهم أوسطهم أعدلهم: أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ تأمل على هذا المعنى الآن هذا الأعدل، والأفضل فيهم، ما قال: لا، أعطوا الفقراء لَوْلَا تُسَبِّحُونَ قال: قولوا: إن شاء الله، يعني أنه موافق لهم على هذا القصد الفاسد، لكن يقول: قولوا: إن شاء الله، من أجل أن يتحقق هذا المطلوب، لكن هم لشدة اندفاعهم، وحنقهم لم يصدر منهم هذا، ما قالوا: "إن شاء الله" فهذا يلومهم، ويذكرهم: أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ؟ لَوْلَا هنا بمعنى: هلا، فهي إذا كانت على أمر لا يمكن استدراكه فهي للتبكيت، تقول لمن وقع به المكروه: لولا فعلت كذا؛ يعني قبل أن يقع، تقول لإنسان مفرط مضيع، فأخفق في دراسته مثلاً، تقول له بعد الإخفاق: لولا اجتهدت، فهذا يكون للتبكيت فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ [هود:116] هنا انتهى، هلكوا، فهذا للتبكيت.

وإذا كان في أمر يمكن استدراكه فتكون للتحضيض: لولا اجتهدت، لولا تسببت فتكتسب، ونحو ذلك.

فهنا يقول: أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ؟ يعني لولا تستثنون، هكذا فسروه، قالوا: وكان استثناؤهم في ذلك الزمان تسبيحًا، يمكن أن يكون هذا أي أن يكون استثناؤهم بالتسبيح: سبحان الله، وقد لا يكون بمعنى التسبيح، أي قصد به الاستثناء؛ لأنه من ذكر الله - تبارك وتعالى -، وأنه لا يقع إلا ما أراد، والناس لا زالوا إلى اليوم حينما يقول الواحد منهم شيئًا، ويريد أن يؤكد هذا مع الاستثناء، يقول: هذا أمر سأفعله، هذا لا بد من فعله، لا بد أن أصنع ذلك، لكن سبحان الله! هذا مستعمل في كلام الناس إلى الآن، سبحان الله! يعني أن الله قد لا يريد هذا، فلا يحصل، يعني إلا ما شاء الله، يقول: أنا سأفعل هذا الشيء، لكن سبحان الله، يقصد به الاستثناء، قد يكون هذا هو المراد: لَوْلَا تُسَبِّحُونَ بمعنى أن هذا الإنسان لا يقطع بأمر دون أن يستثني: وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا ۝ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ [الكهف:23-24] فهذا الذي تفسيره بالاستثناء هو قول عامة أهل العلم.

قال: وقيل معناه: قَالَ أَوْسَطُهُمْ أي: هلا تسبحون الله، وتشكرونه على ما أعطاكم، وأنعم به عليكم، فيكون هنا التسبيح ليس الاستثناء، وإنما الشكر على هذا الإنعام، فيكون هذا الأوسط قد قال لهم قولاً يثنيهم به عن قصدهم، ومرادهم، فإنّ شكر ذلك يقتضي إعطاء هؤلاء المحتاجين، والفقراء، أن يعطيهم حقهم، وبعضهم يقول: سماه تسبيحًا يعني الاستثناء؛ لأنه تعظيم لله ، وإقرار به، ومعلوم أن أصل التسبيح هو التنزيه، يقول النحاس: فجعله في موضع إن شاء الله.

وبعضهم قال: لَوْلَا تُسَبِّحُونَ يعني تستغفرون الله، يعني بعدما وقع لهم ذلك، فهذا الأعدل فيهم يقول: استغفروا الله من هذا القصد الذي قصدتموه، والعزم على صرمها دون إعطاء المحتاجين.

لكن ابن جرير فسره بالاستثناء، يقول: لَوْلَا تُسَبِّحُونَ يعني لولا تستثنون، تقولون: إن شاء الله، هذا تفسير ابن جرير.