الخميس 22 / ذو الحجة / 1446 - 19 / يونيو 2025
عَسَىٰ رَبُّنَآ أَن يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِّنْهَآ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا رَٰغِبُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ أَيْ: اِعْتَدَيْنَا، وَبَغَيْنَا، وَطَغَيْنَا، وَجَاوَزْنَا الْحَدّ، حَتَّى أَصَابَنَا مَا أَصَابَنَا.

عَسَى رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِّنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ قِيلَ: رَغِبُوا فِي بَذْلهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَقِيلَ: اِحْتَسَبُوا ثَوَابهَا فِي الدَّار الْآخِرَة - وَاَللَّه أَعْلَم -".

بعضهم يقول: إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ أي: طالبون فيه الخير، راجون لعفوه.

وعدي هنا بـ"إلى": إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ دون "عن"، ما قال: إنا عن ربنا راغبون لتضمينه معنى الرجوع، ما عداه بـ "عن" ولا عداه بـ "في"، ما قال: إنا في ربنا راغبون مثلاً، أو عن ربنا؛ لأن رغب تتعدى بـ"إلى" إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ فقدمه، فبعضهم يقول: لتضمين رغب معنى الرجوع يعني التوبة، والرجوع إليه: إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ.

"ثُمَّ قَدْ ذَكَرَ بَعْض السَّلَف: أَنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ كَانُوا مِنْ أَهْل الْيَمَن، قَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر: كَانُوا مِنْ قَرْيَة؛ يُقَال لَهَا: ضَرَوَان عَلَى سِتَّة أَمْيَال مِنْ صَنْعَاء، وَقِيلَ: كَانُوا مِنْ أَهْل الْحَبَشَة، وَكَانَ أَبُوهُمْ قَدْ خَلَّفَ لَهُمْ هَذِهِ الْجَنَّة، وَكَانُوا مِنْ أَهْل الْكِتَاب، وَقَدْ كَانَ أَبُوهُمْ يَسِير فِيهَا سِيرَة حَسَنَة، فَكَانَ مَا يَسْتَغِلّ مِنْهَا يَرُدّ فِيه مَا تَحْتَاج إِلَيْهِ، وَيَدَّخِر لِعِيَالِهِ قُوت سَنَتهمْ، وَيَتَصَدَّق بِالْفَاضِلِ، فَلَمَّا مَاتَ وَوَرِثَهُ بَنُوهُ، قَالُوا: لَقَدْ كَانَ أَبُونَا أَحْمَق إِذْ كَانَ يَصْرِف مِنْ هَذِهِ شَيْئًا لِلْفُقَرَاءِ، وَلَوْ أَنَّا مَنَعْنَاهُمْ لَتَوَفَّرَ ذَلِكَ عَلَيْنَا، فَلَمَّا عَزَمُوا عَلَى ذَلِكَ عُوقِبُوا بِنَقِيضِ قَصْدهمْ، فَأَذْهَبَ اللَّه مَا بِأَيْدِيهِمْ بِالْكُلِّيَّةِ، رَأْس الْمَال، والرِّبْح، وَالصَّدَقَة، فَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ شَيْء".