قوله: حَقِيقٌ عَلَى أَن لاَّ أَقُولَ يقول: "أي واجب وحق عليّ ذلك" وقرأ بعضهم حقيق عليَّ أن لا أقول على الله إلا الحق [سورة الأعراف:105]، وفي قراءة لابن مسعود: حقيق ألا أقول على الله إلا الحق [سورة الأعراف:105].
وبعض أهل العلم في القراءة المشهورة حَقِيقٌ عَلَى أَن لاَّ أَقُولَ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ [سورة الأعراف:105] قال: إن "على" بمعنى الباء، ومعلوم أن حروف الجر تتناوب، فيكون المعنى:حقيق بأن لا أقول على الله إلا الحق"، وبهذا وردت قراءة غير متواترة قرأ بها بعض السلف كأُبَيّ والأعمش حقيق بأن لا أقول.
والقراءة الآحادية يستفاد منها ثلاث فوائد، ومن هذه الفوائد أنه يفسر بها القراءة المتواترة، فقوله تعالى في القراءة المشهورة حَقِيقٌ عَلَى أَن لاَّ أَقُولَ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ [سورة الأعراف:105] تفسرها قراءة أُبَيّ والأعمش فيقال: أي: حقيق بأن لا أقول على الله إلا الحق.
وبعض أهل العلم يقول بتضمين الفعل وما في معناه معنى الفعل، ففي هذا الموضع يقولون: إن لفظة حَقِيقٌ ليست فعلاً لكنها مضمنة معنى الفعل حرص، ولفظة حريص تُعدَّى بـ"على" فتقول: فلان حريص على فلان، وفلان حريص على ماله، وفلان حريص على شبابه، وهكذا فإن قوله: حَقِيقٌ عَلَى أَن لاَّ أَقُولَ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ [سورة الأعراف:105] إذا كانت مضمنة معنى حريص يكون المعنى: حريص على أن لا أقول على الله إلا الحق.
وإذا ضمن الفعل أو ما في معناه معنى الفعل فإنه يُعدَّى تعديته كما في قوله تعالى: عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ [سورة الإنسان:6] فقوله: يَشْرَبُ بِهَا مضمّن معنى يرتوي أو يلتذُّ، فيكون المعنى عيناً يرتوي بها، حيث ضمِّن الشرب معنى الارتواء أو الالتذاذ، وهكذا يمكن أن يقال في قوله: حَقِيقٌ عَلَى أنه مضمن معنى حريص، وحريص يتعدى بـ"على" ويكون المعنى كما سبق: حريص على أن لا أقول على الله إلا الحق، وهذا ليس ببعيد، وإن كان القول الذي قبله قد يقال: إنه أوضح وأقرب وأسهل منه، لكن تضمين الفعل وما في معناه معنى الفعل أبلغ، والله أعلم.
فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ [سورة الأعراف:105] أي: أطلقهم من أسرك وقهرك، ودعهم وعبادة ربك وربهم، فإنهم من سلالة نبي كريم إسرائيل، وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن.