يقول الله تعالى: كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا [سورة الأعراف:92] يقال: غنيت بالمكان أي بقيت فيه أو مكثت فيه أو حللت فيه أو نزلت فيه، فهذه المادة "الغَنَى" يعني المكث والحلول بالمكان، تقول: غنينا بأرض كذا، يعني مكثنا فيها، فقوله: كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا [سورة الأعراف:92] يعني أنها صارت خاوية وخالية كأنهم لم ينزلوا فيها، وذلك أنها صارت لا يمشي فيها أحد، ولا يعمر دورها أحد، وأسواقها فارغة بعد أن أهلكهم الله - تبارك وتعالى -.
ومن مادة "الغنى" يقال: الغَناء، يعني النفع، فيقال: فلان ليس به غَناء، يعني ليس به نفع، ويقال: فلان لا يغني عنك، والغِنَى هو كثرة العرض، نقول: فلان غَنِيّ، والغِناء - بالمد - هو الطرب الخبيث.
هذا الخطاب من شعيب لقومه يشبه خطاب نبي الله صالح لقومه، حيث قال الله تعالى: فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ [سورة الأعراف:79].